من رماد النكبة إلى نار المقاومة: السيد القائد يزلزل ذاكرة الأمة بنداء التحرك والتحرر
ذمــار نـيـوز || تقاريــر ||
15 مايو 2025مـ – 17 ذي القعدوة 1446هـ
تقريــر || عبدالقوي السباعي
تحلُّ الذكرى الـ 77 لنكبة الشعب الفلسطيني، كجراحٍ متجددة تنزف على مدّى زمنٍ طويل، في ظل استمرار المشروع الصهيوني القائم على القتل والإبادة، والمدعوم بلا حدود من قوى الاستكبار العالمي.
في السياق، أطلق السيد القائد عبد الملك بن بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- عصر اليوم الخميس، خطابًا زلزل الوعي وكشف الحقائق، مستعرضًا جذور المأساة، وأبعادها، والدروس الكبرى الكامنة فيها، بلهجةٍ حاسمة تربط الماضي بالحاضر، وتستنفر المستقبل.
نكبةٌ مبرمجة وجرائمٌ على مدى العصور:
اعتبر السيد القائد أن نكبة العام الـ 1948م، جاءت نتاجًا لترتيبٍ مسبق، ومخطط شيطاني جرى إعداده بعنايةٍ فائقة، مؤكدًا أن الجرائم الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني بدأت قبل قيام الكيان نفسه، واستمرت على مدى أكثر من سبعة عقود، في ظل صمتٍ دولي مريب وتواطؤ مكشوف من المؤسسات الأممية والحقوقية.
السيد القائد ومن خلال استحضاره للدروس المستفادة؛ يعيد التأكيد على أن “طبيعة العدو الإسرائيلي لم تتغير منذ النكبة، بل ازدادت توحشًا، مستندًا إلى معتقدات يهودية متطرفة وجدت في كتبه المحرفة تبرر استباحة الآخرين، وتغذّي الأجيال الصهيونية على الكراهية والاحتقار”.
هذا الكيان المجرم –كما وصفه السيد القائد– لا يمكن التعايش معه ولا القبول به، لأنه “غير طبيعي ولا ينتمي إلى المنظومة البشرية السوية”، وهو كيان قائم على “العدوان المستمر والنهج الإجرامي المحض”.
يكشف السيد القائد زيف الشعارات الغربية التي ترفع لواء “الحرية وحقوق الإنسان”، موضحًا أن الغرب، بقيادة أمريكا وبريطانيا وألمانيا، ظل الداعم الأوّل والمطلق للعدو الإسرائيلي، حتى على حساب مصالحه الاقتصادية والسياسية.
الانحياز الأعمى للعدو يفضح نفاق الغرب، ويجعله شريكًا مباشرًا في كل جريمةٍ تُرتكب بحق الشعب الفلسطيني، لأن العدو الإسرائيلي -بحسب السيد القائد- ليس مصدر مصالح للدول الغربية، فهو “يأخذ منهم ولا يعطي، بعكس الحال مع الدول العربية والإسلامية”.
الدرس المهم؛ أن “الدول الغربية تستفيد بتريليونات الدولارات من بلدان أمتنا، لكنها لا تقدر شعوب هذه الأمة ولا تعطيها أي اعتبار أو ذرة من احترام”، عزاهُ السيد القائد إلى أن الجانب الرسمي العربي في معظمه “لم يلتفت بجدية لمعالجة إخفاقاته منذ نكبة 48 وما بعدها”، ولم ينجح حتى اليوم “في تكوين توجه عربي وإسلامي ضمن مسار عملي واضح لدعم القضية الفلسطينية”.
يشير تقييم السيد القائد إلى أن الحالة العربية ومنذ النكبة “ذات تأثير سلبي على المستوى الدولي وعلى مستوى بقية البلدان تجاه القضية”، بل اتجهت إلى “تبني أطروحات الاستسلام المذلة والتنازلات المجانية بالرغم مما يقابلها به العدو من عدوانية”.
أوهام السلام.. سيفٌ مغروز في ظهر القضية:
وفي سرده لدروس النكبة، فضح السيد القائد أوهام التعايش والتطبيع، واعتبرها “خديعةً كبرى” و”خيانة عظمى”، مشيرًا إلى أن “السياسات الرسمية العربية ما زالت غارقة في مستنقع الاستسلام”، رافضةً الاستفادة من إخفاقات الماضي.
الاتجاه العربي الرسمي -بحسب السيد القائد- قد بلغ حد الانحدار والتورط في التطبيع مع العدو، “في تناقضٍ صارخ مع ما يفترض أن يكون موقفًا إسلاميًا وعربيًا طبيعيًا تجاه مظلومية فلسطين”.
هنا يلفت إلى أن الأمريكي يمارس “أسلوب الابتزاز المالي والسياسي، ويكثر من الترهيب والتخويف للأنظمة العربية بهدف ابتزازها، ويصور للأنظمة العربية أنه لولا حمايته لها لانتهت وتلاشت”، مؤكدًا أن “العدو الإسرائيلي شريكٌ في كل المكاسب الأمريكية المالية والسياسية من الأنظمة العربية”.
الأمريكي يكسب مرتين من الأنظمة العربية -يرى السيد القائد- “مرة بما يأخذه منها، والثانية بتوظيفهم في خدمته”، لذلك هو يقول: “لكل أمتنا مهما فعلتم للأمريكي والإسرائيلي فلا يمكن أن يكون ذلك مجديًا لكم”، لأن ما يقدم يتم توظيفه في إطار سياساتهما العدوانية التي لم تتغير تجاه هذه الأمة.
الدرس الذي أراد السيد القائد أن يصل للأمة، أن “المنطق الأمريكي والإسرائيلي هو الاحتقار لهذه الأمة “أنظمةً وشعوبًا” وليس هناك أي تغييرات لا في السياسة ولا في الثقافة ولا في النظرة”، مؤكدًا أن الركون لعدو الأمة أو “سياسة الاسترضاء فاشلة وخاسرة”.
المقاومة.. النموذج الحي والصيغة الوحيدة للنصر:
في مقابل الانحدار العربي، أشاد السيد القائد بنموذج الصمود الفلسطيني الملهم، مؤكدًا أن إرادة الجهاد والمقاومة في غزة والضفة والقدس، وفي حزب الله بلبنان، شكلت عاملاً حاسمًا في إفشال مخططات العدو.
يحاول السيد القائد وفي ذكرى النكبة؛ تنشيط ذاكرة الأمة، وانعاشها للاستفادة من الدروس فتراجع حساباتها، وتعمل على قاعدة أن السبيل الوحيد للتحرير والسلام هو الجهاد في سبيل الله، محذرًا من حالة الإفلاس لبعض الأبواق المتصهينة فيما يتعلق “بالأمن القومي للأمة ولمصالحها الحقيقية”.
وقال: إن “فشل العدو في خمس جولات عسكرية بغزة؛ شاهدٌ على عظمة هذا النهج، الذي بات يُلهم شعوب الأمة، ويُفشل الحروب الصلبة والناعمة معًا”، في إشارةٍ إلى تعاظم صمود الشعب الفلسطيني ونمو وعيه وثبات مجاهديه، الذي “قدم نموذجًا ملهمًا وناجحًا أثبت فاعليته”.
نموذج المجاهدين في غزة قدم درسًا لكل الأمة، كأهم عاملٍ لفشل العدو الإسرائيلي في إنجاز مخططه الصهيوني، ولولا هذا النموذج، لتوالت “نكبات أخرى بالشعوب والبلدان الأخرى المجاورة لفلسطين بمثل نكبة 48”.
وردًّا على المحاولات الإعلامية الرخيصة لتشويه موقف المقاومة ووصمه خدمةً لأجندات إيران، أكد السيد القائد أن مأساة فلسطين “كانت وما تزال قبل الثورة الإسلامية الإيرانية”، وأن “من يقف مع قضيتها إنما يقف مع حق الأمة، لا مع دولة أو تيار”، مشيدًا بالدور الإيراني “باعتباره موقفًا مشرفًا يجب أن يُحتذى من قبل كل دولة إسلامية”.
خلاصة خطاب السيد القائد؛ أنهُ آتى كوقفةٍ ضرورية مع الذاكرة، وكنداءٍ تعبوي هائل، يُحرك الوعي ويُرسي ركائز الصمود، داعيًا إلى استلهام الدروس، ونبذ أوهام التطبيع، وتكثيف الجهود السياسية والجماهيرية والعسكرية من أجل تغيير الواقع، والاعتماد على الله في معركة التحرير.