الخبر وما وراء الخبر

#طريق_القدس: ليلة الطائرات الشراعية

5

ذمــار نـيـوز || مـقـالات ||
20 نوفمبر 2024مـ – 18 جماد الأول 1446هـ

بقلم السفير// عـبدالله عـلي صبري

مع حلول الذكرى 37 لما يعرف بـ ” ليلة الطائرات الشراعية ” التي نفذها الفدائيون الفلسطينيون يوم 25 نوفمبر 1987، يمكن القول أن معركة طوفان الأقصى التي تخوضها المقاومة الفلسطينية، استفادت من التجربة التاريخية الفلسطينية في مقاومة العدو الصهيوني، فكان اجتياز ابطال القسام سماء غلاف غزة صبيحة 7 أكتوبر 2023 امتدادا لعملية نوعية نفذها فدائيو الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة، حين تمكن بطلان من الهبوط بطائراتهم الشراعية في معسكر غيبور بمنطقة قبية، التابع للواء ناحال بالقرب من كريات شمونة داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948.

كان بطل العملية الشهيد العربي السوري خالد أكر، قد فاجأ قوات العدو الصهيوني بالهبوط المفاجئ، وسارع إلى التنكيل بجنود وضباط المعسكر، وقتل وأصاب العشرات منهم قبل أن يرتقي شهيدا.

وكذلك فعل البطل الشهيد العربي التونسي ميلود بن ناجح. وقد خلد الشاعر العربي العراقي مظفر النواب هذه العملية بقصيدته الشعرية: قل هي البندقية أنت ( خالد أكر ).

بالعودة إلى تلك الفترة، نلحظ أن مقاومة العدو الصهيوني كانت قضية عربية جامعة، وكانت التنظيمات الفلسطينية مفتوحة على المتطوعين العرب، الذين كانوا يقاتلون جنبا إلى جنب وكتفا بكتف مع أبطال المقاومة الفلسطينية، بل إن عالمية القضية الفلسطينية قد جذبت مناضلين من خارج الدائرة العربية، أبرزهم الياباني كوزو أوكاموتو، الملقب بأحمد الياباني.

وقد أطلق على هذه العملية اسم “قبية”، نسبة إلى القرية الفلسطينية التي ارتكب فيها الصهاينة مجزرة مروعة عام 1953، استُشهد فيها 74 فلسطينيا من المدنيين العزل. وهذا ما يؤكد أن الفلسطينيين لم ولن ينسوا قضيتهم وبلادهم وشهداءهم.

ظل خيار المقاومة والكفاح المسلح هو أساس العمل التنظيمي الفلسطيني، خاصة في لبنان، وتصاعدت هذه العمليات بعد نكسة 1967، ثم بعد اجتياح بيروت 1982، إذ لم يسحب العدو الصهيوني قواته من لبنان إلا بعد تواطؤ الأنظمة العربية وموافقتها على إبعاد تنظيمات المقاومة الفلسطينية خارج الأراضي اللبنانية، وهو ما مهد لتخلق ظهور المقاومة الإسلامية اللبنانية_ حزب الله، التي تسلمت الراية دفاعا عن لبنان وانتصارا لفلسطين.

وهذا لا يعني أن جذوة المقاومة قد خبت في نفوس وتوجهات الأحرار العرب والفلسطينيين، بغض النظر عن انتماءاتهم الفكرية والسياسية، إلا أن المتغيرات السياسية الإقليمية والدولية دفعت بالعنوان الإسلامي ليتصدر مشهد المقاومة خاصة بعد قيام الثورة الإسلامية الإيرانية 1979، وهو ذات العام الذي أعلنت فيه مصر السادات عن اتفاق السلام مع الكيان الصهيوني، وخروج مصر بكل ثقلها وتاريخها وقدراتها العسكرية والسياسية والإعلامية من معادلة الصراع العربي الصهيوني.

بل إنه في نفس العام جرت أكبر عملية لتحريف ” الجهاد الإسلامي “، وتحويله إلى شعار مقدس، لكن لصالح وفي خدمة الأجندة الأمريكية في إطار الحرب الباردة والمواجهة مع الاتحاد السوفيتي. وبدل أن تتوجه طاقات شباب الأمة إلى الجهاد في فلسطين، تبارت العدد من الدول العربية والاتجاهات الإسلامية إلى استقطاب الآلاف منهم نحو أفغانستان.

المشهد العربي الرسمي كان ينتقل من سيء إلى أسوأ، وصولا إلى التوقيع على اتفاق أوسلو 1993 الذي تمخضت عنه سلطة فلسطينية في غزة وأريحا، كان الهدف منها القضاء على فكر ومنهج المقاومة داخل وخارج فلسطين. ولولا أن البقية الباقية من شرفاء الأمة حافظت على خيار المقاومة وعظت عليه بالنواجذ، وقدمت في سبيله النفس والنفيس، لما كنا اليوم نشهد هذه الملحمة البطولية في فلسطين ولبنان، بمشاركة جبهات المساندة من اليمن إلى العراق وسوريا وإيران.