الخبر وما وراء الخبر

المعارض للنظام السعودي موسى السادة: نؤمن بأن قوتنا في قوة اليمن بقيادة قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي

47

اعتبر المعارض البارز والباحث السعودي موسى السادة، إن اليمن رهاناً استراتيجياً وتاريخياً لتغيير ممالك الخليج.

وفي حوار مع السادة مع موقع المسيرة نت حول مستجدات الوضع في السعودية والمنطقة سياسياً، وحقوقيا، واجتماعياً، قال السادة بأن اليمن “سيكون بمشيئة الله عمق ونقطة انطلاقة لبنية سياسية مناهضة لآل سعود والأمريكيين بل وبوابتنا للحصول على شرف المشاركة الفعلية في تحرير فلسطين”. مضيفاً “معركة اليمن معركتنا جميعاً”.

وينطلق السادة من قاعدة أسسها عبدالعزيز آل سعود مخاطباً أبناءه “قوتكم في ضعف اليمن” ليؤسس السادة قاعدة موازية لدى سكان الجزيرة العربية بقوله: “نحن اليوم نؤمن بأن عزنا وقوتنا هي في قوة اليمن وصموده بقيادة قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي”.

ويكشف السادة عن دور الأطراف الفاعلة في منطقة الجزيرة العربية، كأمريكا، وقطر، والوهابية، والإخوان المسلمين، وتيارات المعارضة، والنظام السعودي. بالإضافة إلى جملة من القضايا الحقوقية والاجتماعية.

حاوره: إٍسحاق المساوى

المحور السياسي:
المسيرة نت: ثمة تحول كبير تشهده السعودية على المستوى الداخلي فيما يعرف بالتمرد على ما كان سائداً منذ تأسيس المملكة، لماذا؟

هنالك عوامل متعددة ومتقاطعة، أبرزها التغير في الأجيال وترهّل في الوجوه الملكية البارزة وموتهم، فأتى الجيل الجديد من الأمراء الشباب الذين تربوا في ترف ورفاهية القصور والعواصم الغربية. ولهذا تمردوا على السابق وحاولوا تغيير البلاد بما يتناسب ذائقتهم، حيث كانوا يرون أن الهوية الدينية عائق أمامهم.

المسيرة نت: هل هذا التحول، قد يعفي السعودية من ضريبة ثورة شعبية شهدنا بوادرها في مناطق عدة بالمملكة؟

بالعكس، فهذا التحول واعتباطيته وتكسير العلاقات الاجتماعية بين الشعب خصوصاً الفقراء والدولة، وسياسات الضرائب والتفقير، ستنتج بوادر تحرك وامتعاض غير مسبوقة. وفي مناطق جغرافية لم تهد تمرداً ضد السلطة من قبل.

المسيرة نت: في 22 فبراير الماضي كان في السعودية يوماً وطنياً مستحدثاً أسمي بيوم التأسيس.. لماذا تم استحداث هذا اليوم، وما أبعاده؟

يشكل هذا اليوم أحد مفاعيل محاولة التمرد على السابق ذكرها، وبناء هوية جديدة للدولة بعيداً عن السردية التاريخية القائمة على تحالف الشيخ والأمير. حيث يرجع التاريخ إلى ما قبل دور محمد بن عبدالوهاب، ويهدف ذلك إلى تبرير سياسات الإنفتاح الحالية والإبتعاد عن الشرعية الدينية.

المسيرة نت: مراقبون يرون أن يوم التأسيس يعني الخروج من عباءة الوهابية واستحقاقاتها، إلى أي مدى يبدو ذلك واقعياً من وجهة نظرك؟

الامر أعقد من ذلك، فيوم التأسيس حتماً يهدف إلى الابتعاد عن الوهابية وتبعاتها. لكن علاقة الدولة بالوهابية أعمق وأكثر تعقيداً من محاولة الخروج من العباءة هذه. حيث ستظل الوهابية والبُعد الديني جزءاً من تركيبة هوية “السعودية” سواء بسبب وجود الحرمين الشريفين أم لأن الحاضنة الاجتماعية للدولة في منطقة نجد لا تزال ترى إرث محمد بن عبدالوهاب جزء من تاريخها وبيئتها.

المسيرة نت: بالمقابل، الكثير يتساءل على خلفية استهداف الوهابية المستمر من قبل النظام.. أين الوهابية؟

الوهابية تيارات مختلفة، تم استهداف بعض التيارات المتمردة واعتقال أبرز ناشطيها وشيوخها والتضييق على البقية. وهنالك تيارات موالية للسلطة في كل ظرف فهم يبقون على امتيازهم المادي ويستمرون بدورهم في دعم السلطة. حالياً تم اقصاء الوهابية من مؤسسات الدولة وهو ما أثر بشكل مباشر على فعاليتها وانتشارها في المجتمع، ولكن في نفس الوقت تبقى رواسبها موجودة وإن في جيوب ضيقة.

المحور الحقوقي:
المسيرة نت: في جانب الحقوق والحريات، شهدنا افراجاً عن بعض معتقلي المنطقة الشرقية في الآونة الأخيرة.. ما السر في ذلك؟

لا أرى أن لتوقيت الإفراجات الأخيرة رسالة سياسية المسألة هي انتهاء محكوميات، النقطة تكمن في توقف الإعدامات، والأمر متعلق بأن محمد بن سلمان يريد إعادة تأهيل شخصيته أمام الغرب فلا يريد القيام بما يعكر ذلك خصوصاً في الفترة الراهنة.

المسيرة نت: حزب التجمع الوطني السعودي (المعارض) في بيان حديث طالب بالإفراج عمن أسماهم بـ “ضحايا الأزمة الخليجية” هل كان ذلك إدراكاً متأخراً بأن أطراف الأزمة تاجرت بالنشطاء؟ ولماذا إذا وقف هؤلاء النشطاء المعارضون مع قطر طالما أن قطر تخلت عنهم بالمصالحة؟ وكيف تقيم موقف المعارضة خلال المقاطعة الخليجية؟

المسألة لا تتعلق بحزب التجمع الوطني كحزب، هنالك شخصيات كانت تعلم أن القطريون يستغلون المعتقلين لأسباب سياسية، لكنهم ارتأوا أن يستغلوا هذا التناقض بين السعودية وقطر وتسخير قطر لإعلامها. وفي ذات الوقت هنالك من راهن ومال مع القطريين لأن مواقفها تتناسب مع أهوائهم السياسية. المعارضة متنوعة لكن في الإطار العام فثقل المعارضة عملياً يعمل ضمن الضوابط الغربية ومحاولة التواصل مع المؤسسات الغربية وحكوماتها وبرلماناتها للضغط على سلطة حليفة للغرب بالمقام الأول. أو أنهم يميلون مع قطر وتيارات الإخوان المسلمين وملاحقهم والتي بدورها تحت ذات المظلة الأمريكية.

المسيرة نت: دول وجماعات وكيانات استثمرت المعارضة في جزيرة العرب “السعودية” في فترات صراعها مع السعودية، بينما اليمن التي تمتلك شرعية سياسية ودينية وجغرافية واجتماعية وتاريخية وبحكم ظرف العدوان، لكنها لم تفتح هذا الملف ولم تتاجر به، هل يمكن القول هنا إنه تجاهل يمني، أم أن اليمن تؤمن بمظلوميتكم كاستراتيجية لا كتكتيك؟ وما هي رسالتك لقائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي بهذا الشأن؟

بالمعنى الاستراتيجي والتاريخي لا يمكن الرهان على تغيير في ممالك الخليج بعيداً عن اليمن كجمهورية وكثقل الجزيرة العربية الثقافي والسكاني والسياسي. فمن ناحية شخصية دائماً ما أرى اليمن وانتصار ه واستقلاله عن السطوة السعودية هو في مصلحة كل سكان الجزيرة للتحرر من سطوة هذه السلطات العميلة للغرب والصهاينة. التغيير بمعناها التاريخي لن يأتي بدعم من الغرب بل من تفاعل شعب الجزيرة بعمقه الحيوي في الشام واليمن. معركة اليمن معركتنا جميعاً، والدفاع عن اليمن وحريته هو خير دعم عن أي حر أو من يرنوا للاستقلال الشعبي والعربي في الوطن العربي ككل وليس فقط الجزيرة العربية. اليمن سيكون بمشيئة الله عمق ونقطة انطلاقة لبنية سياسية مناهضة لآل سعود والأمريكيين، وبل بوابتنا للحصول على شرف المشاركة الفعلية في تحرير فلسطين. وما التضحية التي يقودها بحكمة لا نظير لها من قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي تصب في هذا الدور، فهو يقود الرافعة التاريخية لنا جميعاً وليست لليمن. هنالك قول يتكرر لعبدالعزيز آل سعود يخاطب أبناءه “بأن قوتكم في ضعف اليمن” ونحن اليوم نؤمن بأن عزنا وقوتنا هي في قوة اليمن وصموده بقيادة قائد الثورة.

المسيرة نت: بالعودة إلى موضوع الحقوق والحريات المعارض على أل أحمد يقول في حوار سابق مع المسيرة نت إن قضية الحقوق والحريات هي الهاء عن القضية المركزية (اسقاط النظام) ما رأيك؟ إلى ذلك هناك من يراهن على أمريكا والغرب بصفة عامة في أي مشروع تحرري ضد النظام السعودي، كيف تقيم هذا الرهان؟

موضوع “الحقوق والحريات” هو أداة لمحاولة الضرر بالسلطة وتشويهها، الخلاف مع هذه السلطة ليس لأنها تمنع حقوقنا فقط، بل هو خلاف سياسي يتعلق بعلاقتها العميلة بالغرب ضد المصالح العربية. ومن هنا نفهم، أن من يراهن على أمريكا والغرب ضد السلطة هو عملياً نظير للسلطة في ارتهانه وعدم استقلاله. هو شكل آخر ملطف لذات السلطة. الحرية والحقوق والحريات لا تتحقق إلا باستقلال حقيقي من السلطة السعودية وداعميها في أمريكا و”إسرائيل”.

المحور الاجتماعي:
المسيرة نت: هدد جدة، هدد القطيف والعوامية…إلخ هل النظام صادق بمبرراته (تطوير البنية التحتية- إزالة العشوائيات)؟

لا، جزء منها في محاولة السلطة إعادة رسم المجال العام بشكل أفضل. لكن “الأفضل” بالنسبة للسلطة الحاكمة هو ليس الأفضل للناس. فالبنية التحتية المراد بناؤها تخدم الأغنياء والمترفين ويستثني الضعفاء والمعدمين.

المسيرة نت: هناك من يقول إن الدافع الحقيقي، تدمير أي مناطق أثرية، أو بمعنى آخر تدمير هوية المكان؟

نعم، جزء منها تهميش للهويات الأخرى في مقابل هوية الدولة. فهنالك توجس دائماً لدى السلطة من بروز هويات أخرى تنافس الهوية الرسمية، فالدولة تراها تهديداً لها.

المسيرة نت: في الشأن الاجتماعي هناك تحول من التطرف الديني إلى تطرف الانفتاح، لماذا لا يوجد في السياسات الاجتماعية السعودية اعتدالاً؟

لأنها سياسات منطلقة من نزوات وليس تخطيط استراتيجي حريص على بناء الدولة والمجتمع بشكل صحي وسليم. أدى التطرف الديني إلى تطرف آخر في الاتجاه المعاكس وهو تطرف الانفتاح على الثقافة الغربية.

المسيرة نت: معروف أن الوهابية كانت إحدى مصادر السيطرة على التوجه السياسي للمجتمع بما يضمن الحفاظ على السلطة، اليوم بعد تحييد الوهابية وجدنا استراتيجية سعودية مغايرة للسيطرة على توجهات المجتمع من خلال الالهاء الغربي الترفيهي، أيهما أضمن لبقاء السعودية من وجهة نظرك؟

الإلهاء الغربي عمره قصير، لأنه يحتاج أن يكون للمجتمع قدرة شرائية ليقوم باستهلاك الترفيه. ومع الوقت والضرائب سيكون هنالك احتفالية أقل بهذه الثمالة بثقافة بعيدة عن الناس، وسياقهم التاريخي والديني والاجتماعي والسياسي نسبة لما تعانيه الشعوب العربية حولهم. والوهابية في ذات الوقت لا يمكن أن تستمر خصوصاً مع انتفاء دورها الخدوم للمصالح الأمريكية، وعليه فوجودها يضر علاقة السعوديين بالأمريكيين.

المسيرة نت: هذا التحول خلق بالضرورة انقساماً، هل يمكن القول إنه ساهم في تعزيز عوامل الثورة على النظام بالنظر إلى اتساع رقعة الانقسام؟

نعم، فهنالك أزمة شرعية لماهية الدولة وصورتها وشرعيتها ودورها في المنطقة، فكيف لدولة الحرمين الشريفين أن تكون عاصمة البذخ والترف للغربيين والمسرفين والمترفين. فحتماً ولأسباب اقتصادية واجتماعية فمآل هذا التطرف انقلاب وصدع اجتماعي غير مسبوق.

المسيرة نت: هل من كلمة أخيرة تود قولها؟

التحية والسلام للشعب اليمني الأبي، الذي يعلمنا سبل النضال والتضحية وقيمة الإعتداد بالذات والهوية، وكيف أن مع حفظ مسيرة دماء الشهداء نستطيع تغيير التاريخ. والشكر الجزيل لشبكة المسيرة وكوادرها.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com