الخبر وما وراء الخبر

مهرجان للفخر والدموع

11

بقلم// عبدالملك سام

تعود ذكرى الشهداء مجددا لنتذكر نحن وأسر الشهداء الأعزاء بكل فخر أشرف وأعز من كانوا بيننا ، ومن سطروا بدمائهم الزكية أروع الملاحم البطولية ، وأعظم دروس الإباء والتضحية لنعيش نحن أعزاء كرماء ، والأهم لأجل أن نعيش أحرارا .

السؤال الذي يجب أن نواجهه في هذه الذكرى العزيزة هو : هل ما نزال محافظين على القيم التي ضحى من أجلها هؤلاء الأعزاء بأرواحهم ؟ هل يا ترى تأثرنا بما فعلوه لأجلنا ؟ هل أثمرت تضحياتهم وعيا وإصرارا وتحركا في سبيل تحقيق أهدافهم ؟ أم أننا لا نزال نعتقد أن أمرهم لا يعنينا ، وأن تضحياتهم لم تدراء عنا شقاء العبودية والإذلال والدمار ؟!

يجب أن نفهم أنه لولا تحرك هؤلاء الأعزاء لعاثت داعش والقاعدة في بلدنا فسادا كما حدث في بلدان أخرى ، ولولا تحرك هؤلاء الكرماء لكانت بلادنا محتلة ، وثرواتنا منتهبة ، ورجالنا عبيد ، ونساءنا جواري ، وأطفالنا مسوخ يؤخذون ليجندوا في معسكرات التجنيد لتذهب بهم أمريكا ليقتلوا مسلمين في بلدان أخرى ، ولكانت أخبار بلادنا تنتقل عبر محطات التلفزة على أننا شعب متوحش وقاتل يستحق القتل ! وهذا كله يحدث لبلدان أخرى كما نسمع ونرى ، ولكن حالنا كان سيكون أسواء من الآخرين لأن الأعداء يحقدون علينا أكثر .

ما أراه أنا شخصيا هو أن مناسبة أسبوع الشهيد لا تكفي ، وأن هؤلاء العظماء كانوا يستحقون أكثر من صورة تعلق هنا وهناك لأيام ، أو صناديق موزعة في المحلات تجمع التبرعات لأسرهم ، أو معاش لذويهم يتم صرفه شهرا وينقطع لشهور .

الموضوع يتعدى المال رغم أهميته ، والمفترض علينا كمجتمع أن نجد سبلا أخرى لتكريم الشهداء وأسرهم ، فتكريم الشهيد يجب أن يتم عن طريق تحقيق نظرتهم لما يجب أن يكون عليه حال مجتمعهم ، أن تخلد قيمهم عبر القضاء على الظلم تماما إبتداء من ظلم العدوان وإنتهاء بالظلم والفساد في الداخل ، وبتخليد قيمهم وتربية الأجيال القادمة عليها في المدارس والجامعات ، والسعي لتحقيق أهدافهم في كل مجالات حياة الناس.

أما تكريم أسرهم فيجب أن يتم عن طريق أن يحل المجتمع محل فقيدهم ، فيقوم بحمايتهم وإعالتهم ورعايتهم ، فلا يشعروا بفقد إعزاءهم بألم وحسرة ، وألا نسمح لضعاف النفوس أن يستغلوهم أو أن يقللوا من عظمة تضحياتهم ، فلهم حق علينا أكثر من حق أسرنا علينا حتى ، فنحن ما نزال قرب أهلنا في حال إحتاجوا لنا ، أما أسر الشهداء فمن لهم ؟!

ليس من الضروري أن يكون الشهيد أحد أفراد أسرتي حتى أشعر بعظيم ما قدم ، بل أن الأولى بنا جميعا أن نتحرك بجد تعبيرا منا وعرفانا بما قدمه الشهداء إنطلاقا من حقهم علينا بما نعيشه اليوم وما سنحصل عليه مستقبلا ، وعلى الأقل فيجب علينا أن نكون مثالا يحتذى به في الشرف والأمانة والصدق والإيثار لنستحق تضحيات الشهداء ، ولكل من يعرف أسرة شهيد يجب عليه أن يمد يد العون لهم وكأنهم أهله ، وإذا مررت يوما بقرب قافلة تشييع لشهيد فلتقف لحظات حزن إكراما لهذا الشهيد ، فأنت تشاهد رجلا كريما يرحل عنا بعزة وشموخ ليزف للسماء حيث يحتفى بقدومه .. لقد فقدنا أخا عزيزا آخر ، فلماذا لا نحزن ؟!

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com