ما الذي يدل على أنك تعيش حالة الثقة بالله؟!
بقلم || عدنان الكبسي
قد يعيش الإنسان في واقعه العملي متزعماً الإيمان، ولربما يلحظ الناس عليه الإيمان، خاصة عندما يكون نموذجاً في سلوكه وأخلاقه وتصرفاته، تراه مستقيماً ملتزماً صالحاً، يُلتمس منه الخير، عملياً حركياً نشطاً في معظم الأعمال الصالحة ولكن مهما كان لديك من أعمال صالحة كثيرة فإن ذلك لا يدل على أن هذا الإنسان واثقاً بالله ثقة كبيرة.
إذاً ما الذي يدل على أنك تعيش حالة الثقة بالله؟! وهل هناك شيئ يدل على الثقة الكبيرة بالله سبحانه وتعالى؟!.
يقول الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي (رضوان الله عليه): (ما يدل على أن الإنسان يعيش حالة الثقة بالله سبحانه وتعالى هو أن ينطلق، هو أن يتحرك حتى في الظرف الذي يرى كل ما حوله ليس في اتجاهه، يرى كل ما حوله بعيداً عنه، ويرى نفسه ضعيفاً، يرى موقفه غريباً، يرى منطقه ممقوتاً، هذه هي اللحظة التي أيضاً تدل على مدى ثقتك بالله، إذا ما انطلقت في ظروف مثل هذه، في مرحلة معينة).
ما يدل على ثقتك الكبيرة بالله هو عندما تنطلق وتتحرك إلى ميادين الجهاد وأنت على يقين أن الله لن يترك أسرتك تعاني وتجوع وأنت مجاهد في سبيله، ولننظر إلى نبي الله إبراهيم (عليه السلام) حين انتقل بزوجته وابنه إلى واد خال من السكان والزرع والماء وهو واثق بالله أنه لن يتركهم ولن يضيعهم أبداً واكتفى بأن يدعو الله بهذا الدعاء ((رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْـمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ)).
لم يكن في القرآن من عذر لمن يتخلف عن الجهاد في سبيل الله، ولم يجعل من حرج للقعود إلا الأعمى والأعرج والمريض والذين لم يجدوا ما يتحركوا به، ولم يجدوا ما يحملهم إلى ميدان الجهاد ولم يتوفر لهم ما ينفقون في رواحل أو مؤونة السفر ولا يستطيعون يوفرون لأنفسهم مصاريف الطريق {وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ} يقول السيد العلامة المجاهد بدرالدين الحوثي (رضوان الله عليه) في هذه الآية: (ولا حرج على الذين هم راغبون في الجهاد، لكن ليس لهم رواحل تحملهم إلى محل الجهاد وهو بعيد، فإذا {أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ} على إبل من عندك لم يكن عندك ما تحملهم عليه {تَوَلَّوْا} من عندك يبكون {حَزَنًا} من أنهم لا يجدون ما ينفقون ليجاهدوا، فهؤلاء ما عليهم من حرج في ترك الجهاد لأنهم راغبون فيه لم يمنعهم إلا أنهم لا يجدون ما ينفقون في رواحل أو في كراء رواحل وفي مؤونة السفر) أما إذا توفرت له وسيلة توصله إلى ميدان الجهاد فليس له عذر أمام الله عز وجل.
ولهذا لا عذر لمن يتخلف لا بيت ولا أهل ولا زوجة ولا أبناء ولا إخوة ولا أي شئ (( قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ)).
فحذار من أن يعشعش في قلبك الفسق أخي المؤمن ولا تبحث لك عن أعذار وتبريرات، فالذي أمرك بالجهاد هو الذي متكفل بك وبمن هم في إطار مسؤوليتك، ولا تتحرك ولك شروط على الله أو على غيره، ثق بالله واعتمد على الله وتوكل عليه فهو حسبك، يقول الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي (سلام الله عليه): (هو الله وحده فبه ثِق، وعليه توكل، وإياه فاسأل، وبه فاستعِن، وإليه فارغب، وإياه فارهب، وإياه فاعبد، وله فأخلص {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}. أليست هذه واحدة تكفي أن تتعامل مع الله على هذا النحو، وأن تنظر إليه هذه النظرة؟ لأنه لا إله ءَأْلَهُ إليه، أتجه إليه، أصْمُد إليه، أقصده، أعبده إلا الله).