الخبر وما وراء الخبر

إعلام التطبيع في العدوان الصهيوني على فلسطين

23

تقرير/ أنس القاضي

جاء العدوان الصهيوني الأخير في مرحلة فارقة من تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، وقد كشف هذا العدوان والمقاومة الفلسطينية التي واجهته عن معطيات وموازين جديدة في الميدان العسكري والسياسي الإقليمي، وكذلك في ميدان الإعلام كما لم يحدث سابقاً، في ظهور صوت عربي يتحدث العِبرية الصهيونية “فصيحا” دون خجل!

انقسمت التغطية الإعلامية العربية لما يجري في فلسطين إلى خطابين واضحين، خطاب تبنى القضية الفلسطينية وقضية المقاومة ومظلومية الشَعب الفلسطيني، وخطاب تبنى الخطاب الإمبريالي الصهيوني تجاه القضية الفلسطينية ومقاومتها الوطنية والإسلامية واليسارية، وتلاشى ما كان يُسمى بالخطاب المحايد رغم أنه لا يوجد حياد في قضية كهذه والحياد فيها خيانة والحياد وخذلان المظلوم نصرة لظالم كما يقول الإمام علي، وهو بتعبير فلادمير لينين موقف خادم للرجعية.

الجيش الإعلامي الرديف للصهيونية
قناة العربية والحدث، قناة إسكاي نيوز عربية، قناة الجزيرة، قناة العربي، أبرز القنوات التي قامت بدور إسناد إعلامي لدولة الاحتلال الصهيونية بناءً على حقيقة أن خيارات بلدانها في التطبيع مع الكيان الصهيونية وهي دول تقيم علاقات مع دولة الاحتلال.
التزمت جميع هذه القنوات بالمفاهيم والتصورات الصهيونية، وإن اختلفت من قناة إلى أُخرى نسبة الوضوح في التعبير عن هذه المواقف، وإلى جانب هذه القنوات نشط الذباب الإلكتروني العميل ومختلف السياسيون والناشطون العملاء للسعودية والإمارات والذين يدورون في الفلك الأمريكي الصهيوني والليبرالي الغربي عموماً.

الخطاب الإعلامي موقف سياسي
تميز الخطاب الإعلامي لدول التطبيع بأنه خطاب سياسي تام متجرد من المهنية ومتجاوز حتى لموقف ما يُسمى بالمجتمع الدولي ورؤية ما تسمى بحل الدولتان، فهناك وسائل إعلام عالمية شرقية وغربية أظهرت نوعاً من الحياد بل ونوعاً من التعاطف مع الفلسطينيين، فيما موقف دول التطبيع موقف سياسي عدواني يُعبر عن سياستهم الخارجية وعن رؤيتهم للصراع العربي الإسرائيلي المتطابقة مع الرؤية الإسرائيلية الأمريكية، المُعبر عنها في ما سُميت “بصفقة القرن”، والتي تتلخص في احتلال إسرائيلي تام كل فلسطين، وتهويد القدس واعتباره عاصمة لكيان العدو، مع نزع سلاح المقاومة وإعطاء الفلسطينيين مناطق حكم ذاتي مدني داخل ” الدولة الإسرائيلية”. فبناء على هذا الموقف السياسي المساند للمشروع الصهيوني تفاعلت وسائل اعلام التطبيع ومرتزقتها وعملائها وجيشها الإلكتروني.

وحدة الموقف الإعلامي العدواني من فلسطين واليمن
من الملاحظ بأن هذا الخطاب الإعلامي المنحاز للصهيونية والواقف ضد المقاومة الفلسطينية يوجه نحو اليمن منذ بداية العدوان على بلادنا في 26 مارس 2015م، وكانت مختلف هذه الدول مشاركة في العدوان على بلادنا، مع انسحاب دولة قطر من “التحالف” وعودة قواتها إلى الدوحة في يونيو 2017م، إلا أن قناة الجزيرة ظلت على الموقف السياسي لدول التحالف مما يجري في اليمن وإن كانت قامت بمناورة إعلامية والتقارب من خطاب صنعاء الوطني في فترة الخلافات مع السعودية والامارات والبحرين ومصر، ثم عادت لمضمون خطابها القديم.
وكان من المُلاحظ بأن الخطاب الإعلامي الصهيوني الرسمي في وسائل التواصل الاجتماعي له موقف عدواني من اليمن مماثل للموقف العدواني من فلسطين والمقاومة الفلسطينية بل واستعارة الاعلام الصهيوني لإشاعات ومحاكمات سفسطائية كانت توجه إلى اليمن قواها الوطنية الثورية فيصح عنهم قول الحق سبحانه وتعالى: “كَذَٰلِكَ قَالَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّثْلَ قَوْلِهِمْ ۘ تَشَٰبَهَتْ قُلُوبُهُمْ ۗ”
ولخطاب الصهيوني قد توحد جوهره الصهيوني في هذه الحرب سواء الصادر من مُستعمرة تل أبيب او الصادر من دول التطبيع في الخليج العربي.

تمحورت التغطية الإعلامية لقنوات جوقة التطبيع حول تصورات ومفاهيم مُعينة يُمكن إيجازها بالتالي:
(أ)المقاوم الفلسطيني هو المتسبب بالخسائر في صفوف شعبه وهو من يستجلب العدوان.
(ب)المقاومة الفلسطينية لا تؤثر على المعتدي الصهيوني.
(ج)المقاومون الفلسطينيون ينفذون أجندة خارجية إيرانية.
(د) الجيش الإسرائيلي “جيش دولة ديمقراطية” فيما المقاومة “مجموعة مخربين وإرهابيين” يستهدفون السلم والأمن والمقدسات.
(ه) لا يوجد حضور لمحور المقاومة وفيلق القدس الإيراني ومحور المقاومة كاذب وغير داعم للقضية الفلسطينية.