خبراء يمنيون وعرب يقفون عند بيان السيد القائد: يمثل موقفًا عمليًا حازمًا ونقطة تلاقٍ عربي لمواجهة الخطر الصهيوني

3

ذمــار نـيـوز || متابعات ||

29 ديسمبر 2025مـ –9 رجب 1447هـ

في خطوة وُصفت بالعدوانية والخطيرة على أمن المنطقة، أعلن العدو الصهيوني اعترافه بإقليم “أرض الصومال” ككيان منفصل، في تحرك يأتي ضمن سياق أوسع من مؤامرات التفتيت وإعادة رسم خرائط النفوذ في الشرق الأوسط والقرن الإفريقي.

وقد قوبل هذا الإعلان بموقف يمني واضح وحازم عبّر عنه بيان السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي، الذي وضع المسألة في إطارها الحقيقي بوصفها عدوانًا مباشرًا يستهدف الصومال واليمن والبحر الأحمر، وتهديدًا للأمن القومي العربي والإسلامي، ومقدمة لإيجاد موطئ قدم صهيوني في واحدة من أخطر المناطق الجيوسياسية في العالم.

بيان السيد القائد وكالعادة لم يكتفِ بالإدانة، بل انتقل إلى تحديد الموقف العملي، مرسلًا رسائل واضحة للعدو الصهيوني، وللدول العربية والإسلامية، وللشعب الصومالي، ومؤكدًا أن أي وجود عسكري صهيوني في إقليم “أرض الصومال” سيُعد هدفًا مشروعًا للقوات المسلحة اليمنية، باعتباره عدوانًا مباشرًا على اليمن والصومال وتهديدًا لأمن المنطقة والبحر الأحمر وخليج عدن.

وقد اعتبر البيان أن الاعتراف الصهيوني بإقليم أرض الصومال يهدف إلى إيجاد موطئ قدم للعدو في الصومال لاستهداف المنطقة، ويمثل جزءًا من خطة أوسع لتفتيت دول المنطقة تحت عنوان “تغيير الشرق الأوسط”.

ودعا البيان إلى موقف عربي وإسلامي حازم وجاد لدعم الصومال ومساندة شعبه، وإفشال مساعي العدو الصهيوني، والضغط على المتواطئين معه، واتخاذ إجراءات سياسية ودبلوماسية وقانونية على المستوى الدولي.

كما دعا البيان الدول المطلة على البحر الأحمر والعالمين العربي والإسلامي إلى اتخاذ خطوات عملية لمنع الاستباحة الصهيونية للصومال وسائر البلدان المسلمة، مجددًا التأكيد على مركزية دعم الشعب الفلسطيني، محذرًا من أن أي تخاذل في هذا الملف يفتح الباب أمام المزيد من المؤامرات الصهيونية على بقية بلدان الأمة.

 

بيان السيد القائد كموقف عملي لمواجهة الخطر:

إلى ذلك علّق عددٌ من الخبراء والمحللين اليمنيين والعرب على بيان السيد القائد، معتبرين أنه يجسد موقفًا عمليًا لمواجهة المخطط الصهيوني المفضوح.

وفي هذا السياق رأى السفير عبدالله صبري أن بيان السيد القائد يمثل بيان موقف عملي وليس مجرد إدانة سياسية، مميزًا إياه عن بيانات صدرت عن دول أخرى اكتفت بالتعبير اللفظي دون خطوات عملية.

وأوضح أن البيان رسم خارطة طريق واضحة لمواقف وإجراءات يجب أن تتخذها الدول العربية والدول المعنية بأمن القرن الإفريقي والبحر الأحمر.

وبيّن أن البيان انطلق من توصيف الخطوة الصهيونية باعتبارها عدوانًا على الصومال وعلى المنطقة وعلى اليمن، مؤكدًا أن الموقف اليمني سيتحرك على مرحلتين: الأولى دعم الشعب الصومالي وتأكيد وحدة الصومال ومساندة جمهورية الصومال بكل ما تحتاجه، قبل أي تواجد عسكري صهيوني، والثانية التعامل مع أي وجود عسكري صهيوني في إقليم أرض الصومال بوصفه قوة معادية ستكون تحت مرمى القوات المسلحة اليمنية، باعتبار ذلك إعلان حرب على اليمن.

وأشار صبري إلى أن البيان يحمّل الدول العربية مسؤولية التعامل مع الخطوة الصهيونية كعدوان يجب مواجهته، مؤكدًا أن كل كلمة في البيان تحمل دلالات مهمة إقليميًا ودوليًا، وتعكس تأكيد اليمن على دوره كلاعب إقليمي فاعل في باب المندب والبحر الأحمر.

ولفت إلى أن التهديد لم يعد افتراضيًا، بل بات وشيكًا مع سعي العدو للوصول العسكري إلى هذه المنطقة الاستراتيجية، بهدف استهداف اليمن والانتقام من دوره في إسناد غزة وتهديد الملاحة المرتبطة بموانئ فلسطين المحتلة.

وأوضح أن التهديد لا يقتصر على العدو الصهيوني، وإنما يشمل المتواطئين معه في إقليم أرض الصومال، منوهًا إلى أن اليمن لن ينتظر اكتمال الترتيبات اللوجستية لاستهدافه، وسيتحرك استباقيًا، دعمًا لوحدة الصومال ومنع تكرار سيناريوهات انفصالية مشابهة في مناطق أخرى، بما فيها المحافظات الجنوبية في اليمن بدعم صهيوني وإماراتي.

وتطرق السفير صبري إلى الدور الإماراتي، معتبرًا أن هناك تماهيًا واضحًا بين المشروع الإماراتي والدعوات الانفصالية والمشروع الصهيوني، مستشهدًا بدور أبوظبي خلال العدوان على غزة، وبإنشاء جسور دعم للكيان، وبسعيها للسيطرة على مواقع استراتيجية في اليمن، من سقطرى إلى عدن والمكلا، معتبرًا أن الموقف اليمني يحمل طابعًا ردعيًا واستباقيًا، وسيكون له ما يترتب عليه من نتائج.

 

موقف السيد القائد كخطة استباقية:

من جهته أكد الخبير العسكري العميد عمر معربوني أن البيان اليمني يشكل خلاصة وخطة استراتيجية استباقية لمواجهة المخاطر القادمة، مشيرًا إلى أن تموضع العدو في أرض الصومال قد يسمح له بإنشاء منظومات قيادة وسيطرة ودفاع جوي للتعامل مع الصواريخ اليمنية، ما يزيد من خطورة التهديد.

ولفت إلى أن أي تموضع صهيوني سيُعد تموضعًا معاديًا، وسيكون عرضة للاستهداف الاستباقي لمنع إنشاء أي منشآت عسكرية.

ونوّه إلى أن المخاطر لا تقتصر على اليمن، بل تمتد إلى السعودية ومصر والملاحة الدولية، معتبرًا أن ما يجري جزء من مشروع “إسرائيل الكبرى” وتغيير الشرق الأوسط، وأن من يقدم تسهيلات للعدو في أرض الصومال يرتكب خيانة كبرى بحق بلده والأمة.

وقال إن العبء الأكبر سيقع على اليمن، لكنه في الوقت نفسه معني بكل الأمة العربية والإسلامية.

وحذر العميد عمر معربوني من أن أي وجود عسكري صهيوني في إقليم أرض الصومال يمثل خطرًا عسكريًا بالغًا، موضحًا أن المسافة من شمال الصومال إلى مناطق استراتيجية قريبة من مضيق هرمز لا تتجاوز مئة كيلومتر، فيما لا تزيد المسافة إلى صنعاء عن نحو 460 إلى 500 كيلومتر، ما يختصر بشكل كبير معضلة البعد الجغرافي التي يعاني منها العدو في استهداف اليمن.

وأشار إلى أن إقامة مطار أو قاعدة جوية صهيونية في الإقليم ستجعل استهداف اليمن أسهل بكثير، خصوصًا في ظل امتلاك العدو صواريخ يصل مداها إلى 300 كيلومتر، فضلًا عن استخدام الطائرات المسيّرة والزوارق البحرية.

وشدّد على أن الاعتراف الصهيوني لم يأتِ من فراغ، بل يقابله وعود بإقامة ميناء وقاعدة جوية، تضاف إلى قواعد قائمة في البحر الأحمر، وإلى التواجد الصهيوني في إثيوبيا وإريتريا وقاعدة دهلك.

 

البيان ينتقل من التحذير إلى تحديد قواعد الاشتباك:

بدوره أشار الباحث في الشؤون السياسية الدكتور وسيم بزي إلى أن البيان الصادر عن السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي، خاطب بدقة العرب والمسلمين، والصوماليين، والدول المطلة على البحر الأحمر، وأعاد التذكير بمركزية القضية الفلسطينية.

وقال إن موقف اليمن يمكن أن يشكل نقطة تلاقٍ وتحول إذا ما جرى التقاطه سياسيًا واستراتيجيًا في هذه اللحظة المفصلية.

واعتبر أن الخطوة الصهيونية تشكل فعلًا مركبًا بأبعاده الاستراتيجية وتوقيته ودلالاته، وجاءت في سياق معالجة العدو لعجزه أمام اليمن خلال العامين الماضيين، ومحاولة الالتفاف على الواقع الذي فرضته قوة اليمن العسكرية ودوره الإقليمي.

وأوضح بزي أن هذه الخطوة لا تستهدف اليمن فقط، بل تمثل تحديًا للنظام العربي والإسلامي بأكمله، وقد تكون مناسبة للوحدة أكثر من كونها أداة للتفتيت، مميزًا بين من اختار الاصطفاف العلني مع المشروع الصهيوني ومن يدرك حجم الخطر.

ورأى بزي أن البعد الوطني الصومالي في البيان يمثل حجر الزاوية لأي جهد جماعي، داعيًا إلى دعم الصومال شعبًا وحكومةً.

وأشار إلى تعقيدات الجغرافيا والديموغرافيا الصومالية التي تجعل أي تموضع صهيوني مغامرة خطيرة، لافتًا إلى التوقيت المتزامن مع تطورات جنوب اليمن، ومع تحركات المجرم نتنياهو ولقاءاته المرتقبة مع الإدارة الأمريكية حول الشرق الأوسط والقرن الإفريقي، معتبرًا ذلك دليلًا على هندسة استراتيجية معدّة سلفًا.

يعكس الموقف اليمني، كما عبّر عنه بيان السيد القائد وتحليلات الخبراء، انتقالًا من مرحلة التحذير إلى مرحلة تحديد قواعد الاشتباك السياسي والعسكري، في مواجهة مشروع صهيوني يستهدف إعادة تشكيل الجغرافيا السياسية للمنطقة. وبينما تتعاظم المخاطر، تتعاظم معها مسؤولية الموقف العربي والإسلامي، في اختبار جديد لوحدة الأمة وقدرتها على التصدي لمخططات التفتيت والهيمنة.