الأجهزة الذكية ليست حلا لتهدئة الأطفال

3

ذمــار نـيـوز || مـتـابعات ||
27 ديسمبر 2025مـ – 7 رجب 1447هـ

في ظل التوسع المتسارع لاستخدام الأجهزة الذكية داخل المنازل، أطلقت دراسات علمية حديثة تحذيرات متزايدة من الاعتماد على الهواتف والأجهزة اللوحية كوسيلة لتهدئة الأطفال، مؤكدة أن هذا الأسلوب الشائع قد يحمل آثارًا سلبية تمتد إلى صحتهم النفسية وسلوكهم اليومي، خصوصًا في مراحل النمو المبكرة.

وحذّرت دراسة حديثة من مخاطر الاعتماد على الأجهزة الذكية كوسيلة لتهدئة الأطفال، مشيرة إلى أن هذه الممارسة، رغم شيوعها، قد تخلّف آثارًا سلبية على نموهم النفسي والسلوكي؛ ففي السنوات الأخيرة، أصبحت الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية خيارًا سريعًا لدى كثير من الآباء لإشغال الأطفال أو تهدئتهم في لحظات الغضب أو الضيق، غير أن فعاليتها المؤقتة تخفي وراءها تداعيات مقلقة على المدى البعيد.

وفي هذا الإطار، تشير أبحاث علمية حديثة إلى أن الاستخدام المتكرر للأجهزة الذكية بهدف تهدئة الأطفال، ولا سيّما في مرحلة ما قبل المدرسة، قد يعيق تطوّر مهاراتهم في تنظيم المشاعر وضبط السلوك، ويوضح خبراء في علم نفس الطفل أن الأطفال يحتاجون إلى التفاعل الإنساني المباشر والتجارب الواقعية لاكتساب القدرة على التعامل مع مشاعر الغضب والحزن والقلق، بدل الاعتماد على وسائل رقمية تُقصي هذا التفاعل.

ومن جانب آخر، توصلت دراسات نُشرت في مجلات علمية متخصصة إلى وجود ارتباط واضح بين زيادة وقت الشاشة لدى الأطفال وارتفاع احتمالات الإصابة بعدد من المشكلات النفسية والسلوكية، من بينها القلق والتوتر، والسلوك العدواني أو الانسحابي، إضافة إلى ضعف التركيز والانتباه.

وفي هذا السياق، يحذّر الباحثون من أن استخدام الأجهزة الذكية كوسيلة دائمة للتهدئة قد يؤدي إلى نشوء نوع من الاعتماد النفسي، يجعل الطفل أقل قدرة على التعامل مع مشاعره أو تجاوز انفعالاته دون اللجوء إلى الشاشة.

ولا تقتصر هذه المخاطر على الجانب النفسي فحسب، إذ أظهرت أبحاث أخرى أن التعرض المفرط للشاشات، خاصة خلال الفترات المسائية وقبل النوم، يؤثر سلبًا في جودة نوم الأطفال، ويؤكد المختصون أن اضطرابات النوم الناتجة عن ذلك تنعكس بشكل مباشر على السلوك اليومي للطفل، وتزيد من فرط النشاط، وسرعة الانفعال، والتقلبات المزاجية.

وفي المقابل، يشدد الخبراء على أن المشكلة لا تكمن في استخدام الأجهزة الذكية بحد ذاتها، إنما في تحويلها إلى أداة أساسية ومتكررة لتهدئة الأطفال؛ فمثل هذا الاعتماد قد يحرم الطفل من فرص مهمة لتعلّم مهارات التنظيم الذاتي، وبناء علاقات اجتماعية حقيقية، إلى جانب تطوير الصبر والقدرة على حل المشكلات بطرق صحية.

وبناءً على هذه المعطيات، ينصح المختصون الآباء باتباع بدائل أكثر أمانًا وفاعلية، مثل التحدث مع الطفل واحتوائه في لحظات الغضب، وتشجيعه على التعبير عن مشاعره بالكلام أو الرسم، فضلًا عن تخصيص وقت للقراءة أو اللعب التفاعلي، كما يؤكدون أهمية تحديد أوقات محددة ومحدودة لاستخدام الأجهزة الذكية، مع تجنب استخدامها، قدر الإمكان، قبل مواعيد النوم.

وخلاصة القول، ورغم سهولة اللجوء إلى الأجهزة الذكية لتهدئة الأطفال، تؤكد الدراسات الحديثة أن الإفراط في هذه الممارسة قد يؤدي إلى آثار نفسية وسلوكية غير مرغوبة، ويجمع الخبراء على أن التفاعل الإنساني المباشر والاحتواء العاطفي يظلان الخيار الأمثل لدعم نمو الأطفال بشكل صحي ومتوازن.