جمعة رجب.. خطاب الهُوية والمواجهة: السيد القائد يرسم معالم الصراع الوجودي مع طاغوت العصر
ذمــار نـيـوز || أخبــار محلية ||
26 ديسمبر 2025مـ – 6 رجب 1447هـ
في خطاب شامل ومفصلي بمناسبة عيد جمعة رجب، وضع السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي -يحفظه الله- شعبَه وأمتَه أمام لوحة وعي متكاملة، لا تتوقف عند حدود التهنئة بمناسبة دينية عظيمة، وإنما تمتدُّ لتكون تشخيصًا دقيقًا لمعركة الهُوية، وكشفًا عميقًا لطبيعة الصراع مع قوى الطغيان والاستكبار، وبرنامجًا عمليًّا لحماية الانتماء الإيماني من أخطر استهداف تشهده البشرية.
استهل السيدُ القائد خطابَه عصر اليوم الجمعة، بتوجيه التهاني لشعبنا اليمني بهذه المناسبة العظيمة، مؤكّـدًا أن جمعةَ رجب ليست مُجَـرّد ذكرى تاريخية، بل محطةٌ إيمانية تمثل نعمة الهداية للإسلام، أعظم نِعَمِ الله على هذا الشعب، ومحطة للاعتزاز بالانتماء الأصيل للإسلام الذي شكّل أحد أعظم التحولات المصيرية في تاريخ اليمن.
وأوضح أن احتفاء اليمنيين بهذه المناسبة هو تعبيرٌ عن وعيهم بقيمة هذا الانتماء، واعتزازهم بهُويتهم الإيمانية التي صمدت عبر التاريخ، وقدّمت نماذجَ خالدةً ومواقفَ مشرِّفة، وُصُـولًا إلى عصرنا الراهن.
وحذّر السيد القائد من أن أخطرَ ساحات المواجهة اليوم هي الساحةُ الفكرية والثقافية وساحة الهُوية، حَيثُ يشن الأعداءُ حربًا ناعمة، شيطانية، مضلِّلة، تستهدف الإنسان المسلم في وعيه، وانتمائه، ومواقفه، وتسعى لفصله عن هُويته الإيمانية.
وأكّـد أن مسؤوليةَ الجيل الحاضر هي ترسيخ هذا الانتماء في التربية والثقافة والسلوك، والتصدي لكل محاولات الانحراف ومسخ الهُوية، مُشيرًا إلى سعي حركة النفاق في الأُمَّــة لتحويلها إلى أُمَّـة مدجّنة، خاضعة للطاغوت، فاقدة للمصداقية، ترفع شعارات الانتماء بينما مواقفها وولاءاتها مناقضة له.
وبيّن أن الانتماءَ الإيماني الحقيقي يتجلّى في التحرّر من العبودية للطاغوت، والارتباط الكامل بمنهج الله، محذرًا من خطورة التبعية للمضلين والطغاة، ومؤكّـدًا أن القرآن الكريم فضح زيف الادِّعاءات الإيمانية لفئات انحرفت في ولائها وارتباطها.
وتوقّف السيد القائد عند مفهوم الجهاد في سبيل الله بوصفه معلمًا قرآنيًّا أصيلًا يميِّز الانتماء الإيماني الصادق، نافيًا عنه كُـلّ الشكليات المحرفة التي تُستخدم لخدمة أعداء الإسلام.
وأوضح أن الجهاد هو بذل الجهد في كُـلّ المجالات لإقامة دين الله، وحماية الأُمَّــة والمستضعفين، والتصدي للطغيان والاستعباد.
وسمّى السيد القائد الأشياءَ بأسمائها، معتبرًا أن اليهودَ والصهيونية العالمية وأمريكا وكَيان الاحتلال الصهيوني وبريطانيا وعملاءَهم يمثلون طاغوت العصر الأخطر في تاريخ البشرية؛ لما يمتلكونه من إمْكَانات هائلة في الإفساد والإضلال والطغيان، ونشر الرذائل، وتدمير القيم والأخلاق بشكل منظّم وغير مسبوق.
وأكّـد أن الانتماءَ الإيماني الأصيل هو خطُّ الدفاع الأول لحماية المجتمعات من هذا الطاغوت، داعيًا إلى تصحيحِ واقع الأُمَّــة وتنقية اتّجاهها الإيماني من الشوائب.
وكشف السيد القائد بوضوح أن القرآن الكريم هو الهدفُ الرئيسي لقوى الطغيان؛ لأَنَّه الصلة بين الناس وربهم، وهو الذي يفضح الأعداء ويكشف حقيقتهم وأهدافهم.
وأشَارَ إلى أن فصلَ الأُمَّــة عن القرآن يبدأ بضرب قدسيته، والإساءة إليه، وقياس ردود أفعال المسلمين، في ظل تقصير مخزٍ من أنظمة وحكومات لا تتحَرّك حتى بأبسط المواقف؛ دفاعًا عن كتاب الله.
وبيّن أن مسارَ التعليم والإعلام في كثير من الدول أصبح خاضعًا للمعيار الأمريكي والغربي والصهيوني، مع حذف وتحريف لآيات ومفاهيم قرآنية أَسَاسية، في ضربة قاصمة للانتماء الإيماني.
وفي سياق تشخيص الإجرام، استعرض السيد القائد الجرائم اليومية للعدو الإسرائيلي في فلسطين ولبنان وسوريا، من قتل واختطاف وتعذيب وانتهاك للمقدسات، وُصُـولًا إلى سياسات التهجير والنهب، وشراء بعض الأنظمة العربية لثروات فلسطين المنهوبة، في خيانة أخلاقية ودينية وأمنية فاضحة.
وتوقّف عند جريمة شراء الغاز الفلسطيني المنهوب، والتحكم الصهيوني بثروات المياه، وارتباط أنظمة عربية بالعدوّ في مجالات الاتصالات والطاقة، مقابل استمرار الحصار والتجويع لغزة، ومنع الدواء والغذاء والمأوى عن أهلها.
وسخر السيد القائد من وَهْمِ الخضوع لأمريكا وكَيان الاحتلال الصهيوني، مستشهدًا بما تفعلُه أمريكا في فنزويلا من نهب وقرصنة تحت عناوين كاذبة، مؤكّـدًا أننا أمامَ قوى شيطانية لا تلتزم بمواثيق، ولا تعرفُ إلا لُغة الهيمنة.
وختم بالإشارة إلى دور عملاء الصهيونية في تبرير الجرائم، وتوجيه اللوم إلى الأحرار، والدعوة لنزع سلاح المقاومة في فلسطين ولبنان، في مسعى مكشوف لتجريد الأُمَّــة من أي قدرة على الدفاع عن نفسها.
خطاب هُوية ووعي ومواجهة، يضع الأُمَّــة أمام مسؤولياتها، ويؤكّـد أن الصراع مع طاغوت العصر صراع وجود، لا يُكسب إلا بالانتماء الإيماني الصادق، والارتباط بالقرآن، ورفض الاستسلام، والتمسك بخيار الجهاد والمقاومة كطريق وحيد للحرية والكرامة.
