طفل يُدهس بدبابة صهيونية بعد إصابته في جباليا.. وغزة تغرقها الأمطار والدمار
ذمــار نـيـوز || مـتـابعات ||
10 ديسمبر 2025مـ – 19 جماد الثاني 1447هـ
تتفاقم المأساة الإنسانية في قطاع غزة وسط استمرار الخروقات الصهيونية لـ “وقف إطلاق النار”، مع تصاعد وتيرة الانتهاكات التي تتجاوز كل القوانين والمعايير الإنسانية، وتبرز في شمال القطاع صورة صادمة ومأساوية لطفل تعرّض للدهس المتعمد بواسطة دبابة بعد إصابته بإطلاق نار، لتكون هذه الحادثة شاهدًا على حجم الكارثة المستمرة ووحشية الإبادة.
وكشفت مصادر متعددة النقاب عن تفاصيل مأساوية لجريمةٍ مروعة في منطقة جباليا شمالي القطاع، حيث كان طفل يتواجد بالقرب من مركز إيواء يضم عشرات العائلات من سكان المنطقة، وتعرّض للاستهداف بإطلاق نار من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وفي سياق وقائع الجريمة، أكّدت المصادر أنّ قوات الاحتلال لم تكتفِ بإصابة الطفل، بل منعت الطواقم الطبية من الوصول إليه لإسعافه في الوقت المناسب، بعدها، تحركت إحدى الآليات العسكرية التابعة للاحتلال ودهست الطفل عمدًا وهو مصاب على الأرض، ووصل الطفل بصعوبةٍ بالغة إلى المستشفى الأهلي “المعمداني” في مدينة غزة، لكن جثته كانت مشوهة بالكامل؛ نتيجة عملية الدهس المتعمدة، وتم التعرف عليه بصعوبة كبيرة، ليتضح فيما بعد أنّه الفتى “زاهر ناصر شامية”.
ويروي شهود عيان أنّ الفتى “زاهر” كان عائدًا إلى أنقاض منزله برفقة عددٍ من أصدقائه في المنطقة، وتم استهدافهم، كما تسبب الاستهداف ذاته في إصابة “رجل وطفل آخر” في تلك المنطقة، حيث لا يزال المصابون يخضعون للعلاج.
ما جرى مع الفتى “زاهر ناصر شامية”، هو صورة مصغرة لواقع ومعاناة المواطنين في مناطق شمال قطاع غزة وعمومها؛ ففي جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، التي دمرت بصورة كاملة، يؤكّد الأهالي والمصادر المحلية أنّ قوات الاحتلال لم تنسحب من منطقة جباليا، بل أعادت انتشارها وتقدمت هذه الآليات في أكثر من منطقة وأكثر من محور، خلال الأسابيع القليلة الماضية.
وتستمر الخروقات والعمليات المستمرة بحق المدنيين؛ حيث تتعرض المناطق المحاذية لـ “الخط الأصفر” وهي المنطقة التي تمت مصادرتها والسيطرة عليها، للاستهداف اليومي، ويتم إطلاق النار على المواطنين المدنيين، حتى وهم في داخل خيامهم، كما يستهدف القناصة والآليات الصهيونية المدنيين الذين يحاولون الوصول إلى أنقاض منازلهم المدمرة لاستخراج أبسط الحاجيات وإصلاحها في ظل الظروف الحالية.
ويسعى الاحتلال الصهيوني بشكّلٍ يومي لفرض أمر واقع جديد، عبر مصادرة مساحات جديدة ووضع مكعبات إسمنتية جديدة، وهذا يمثل ترسيم وترسيخ لحدود جديدة، تهدف إلى تحويل هذه المناطق يصفها الكيان بـ “مناطق أمنية عازلة حتى في خارج الخط الأصفر”، وهذا التوسع المستمر يجبر المواطنين الفلسطينيين مجدّدًا على النزوح باتجاه المناطق الغربية في قطاع غزة.
وتُضاف إلى هذه المأساة استمرار سقوط الضحايا من الشهداء في جباليا شمالاً والمصابين في بني سهيلا شرقي خان يونس؛ نتيجة استمرار الخروقات العسكرية بحق المدنيين المقيمين بالقرب من مناطق التماس.
وتتفاقم الأزمة الإنسانية مع دخول المنخفض الجوي على قطاع غزة، حيث الأجواء لا زالت عاصفة والرياح على حالها، وتسقط كميات من الأمطار، والمشهد الإنساني حاليًّا يُوصف بأنّه “كارثي” بسبب تضافر عوامل الدمار وسوء الأحوال الجوية.
وتتحدث المصادر عن دمارٍ طال أكثر من 88% من قطاع غزة، ودمار واسع في البنى التحتية، والسواد الأعظم من السكان يعيشون في خيام مهترئة أو في منازل آيلة للسقوط، وأنّ أكثر من 250 ألف أسرة في مخيمات النزوح بالقطاع تعاني البرد وسيول الأمطار في خيام مهترئة.
وكشف الدفاع المدني عن تلقي العشرات من نداءات الاستغاثة من مواطنين يعانون من تدفق مياه الأمطار التي غمرت خيامهم، وهذه الخيام، التي تعرض جزء كبير منها للتلف سابقًا، لا تقي المنكوبين من أمطار الشتاء أو برده.
وتسببت الأمطار الموسمية التي تنهمر على القطاع، في تجمعات كبيرة للمياه، لا سيما في ظل بنية تحتية مدمرة وتعطّل الكثير من محطات ضخ المياه؛ إمّا نتيجة نقص الوقود أو نتيجة تدميرها من قبل قوات الاحتلال.
وحتى الآن لم يسمح كيان الاحتلال بإدخال كميات كافية من مستلزمات الإيواء أو بإعادة الإعمار، في وقتٍ تتوالى نداءات الاستغاثة والتحذيرات من طواقم الدفاع المدني والهيئات المحلية للمنظمات الأممية والمؤسسات الحكومية والأهلية، مطالبةً بضرورة إدخال المنازل المؤقتة إلى داخل القطاع، لإنقاذ أكبر عددٍ ممكن من الأهالي وإخراجهم من الخيام إلى مأوٍ مؤقتة أكثر أمنًا.
وبالتالي؛ ورغم مرور أكثر من 63 يومًا على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، إلا أنّ الجميع ما يزال يتحدث عن كارثةٍ إنسانية مستمرة ومأساة فصولها مستمرة ومتواصلة بصورةٍ كبيرة، في ظل دمار كبير وأضرار مادية لم يتم إصلاح أيّ جزء منها، وسط عجزٍ أممي وصمت عربي وتواطؤ أمريكي غربي.
