الحسني: الصراع السعودي الإماراتي جنوب اليمن يكشف هشاشة مشروع “الانفصال”

30

ذمــار نـيـوز || متابعات ||

8 ديسمبر 2025مـ –17 جماد الثاني 1447هـ

استعرض المحلل السياسي طالب الحسني قراءة شاملة للمشهد المتصاعد في المحافظات الجنوبية والشرقية، مؤكدًا أن ما يجري اليوم هو تكرار لمشهد 2019 لكن بصيغته الأكثر تعقيدًا وتشظّيًا، وبما يعكس عمق الصراع السعودي–الإماراتي وتداعياته على البنية المحلية وعلى مشروع الانفصال نفسه.

الحسني أوضح في مداخلة لقناة المسيرة، أن ما حدث عام 2019 من صدام بين المكوّنات المرتزقة وسيطرة “الانتقالي” على عدن وأجزاء من أبين والضالع، ثم تشكيل السعودية لجنة لوقف التقدم وتثبيت الوضع عند حدود السيطرة، كان حلًا غير جذري فتح الباب أمام عدم الاستقرار.

وأضاف: “يومها دفعت الإمارات عبر محمد بن زايد، ومعه محمد بن سلمان، بالانتقالي إلى الواجهة، فظهر ما يسمى اتفاق الرياض الذي أعاد صياغة المشهد، بعدما ركزت واشنطن والرياض، منذ بدء العدوان عام 2015، على ترسيخ فكرة الأقاليم في حضرموت والساحل الغربي، وتشكيل مجموعات كـ”التهامية” وغيرها تحت هذا المفهوم”.

وتابع قائلًا إن السعودية تحركت في هذا الإطار بدرجة أقل من الإمارات، بينما كانت الأخيرة تتحرك تحت عنوان الانفصال، ولذلك افتقدت الرياض الأدوات القادرة على فرض رؤيتها، في حين عملت أبوظبي على إقصاء الإصلاح والإخوان المسلمين، وهو ما تحقق فعليًا في ما يسمى اتفاق الرياض حين تم طردهم.

ورأى الحسني أن تدمير المنطقة العسكرية الأولى اليوم يأتي في سياق تكرار المشهد ذاته، حيث يُتوقع أن تفرض السعودية حلولًا تحفظ نفوذها في وادي حضرموت رغم انعدام توازن القوى، مضيفًا: “فمع وجود تحشيد قبلي مع بن حبريش، إلا أن القبائل لا تملك جناحًا عسكريًا منظّمًا، بينما يملك الانتقالي قوة جاهزة بقيادة بن بريك والمحسني”.

وبيّن أن مشروع الانفصال كان أخطر قبل 2011 حين كان يحظى بتأييد داخلي واسع وتلتف حوله قيادات محلية، أما اليوم فالدعم خارجي والرفض الداخلي كبير، ما يجعل الاقتتال القائم انعكاسًا لصراع يضرب مشروع الانفصال في عمقه، ويكشف أمام الشارع الجنوبي أنه مشروع للاقتتال والتفكك بين مكونات تملك تاريخًا من التنافس، خصوصًا بين حضرموت وأبين وعدن.

وأكد أن الولايات المتحدة والسعودية لم تستطيعا التحكم بالمشهد ولا إنتاج مخرج يخدم رؤيتهما بسبب فشل تثبيت النفوذ العسكري والسياسي، لتأتي بعدها مرحلة محاصصة غير معلنة صبّت لصالح الإمارات، كما ظهر في إعادة تشكيل ما تسمى قوات درع الوطن منذ 2020 بعناصر ليست من المحافظات الجنوبية، على غرار ما حدث في 2019.

وتابع حديثه: “وكذلك قوات العمالقة التي جاءت بالطريقة نفسها، بينما قياداتها — وفي مقدمتهم أبو زرعة — تدعم مشروع الانفصال وقريبة من الإمارات، ما يعكس حجم الأموال والامتيازات التي تُدار في إطار الصراع السعودي–الإماراتي”.

وأشار الحسني إلى أن تحالف العدوان، بشقيه الإماراتي والسعودي، يعيش مخاوف متزايدة من صنعاء، ولا يمكن فصل ما يجري جنوبًا عن قرار صنعاء بالتحرك الميداني والسياسي، الأمر الذي جعل الرياض وأبوظبي تحاولان التحكم بالصراع عبر التهدئة أو تشكيل قوى جديدة كـ”درع الوطن” لتعمل كقوة ثالثة، لكنها مجرد حلول ترقيعية لا تحسم شيئًا.

وبيّن أن السعودية فقدت القدرة على التحكم بالتركيبة التي اعتقدت أنها مناسبة لمرحلة الحرب، وأن التجنيد الواسع الذي قامت به أنتج نتائج عكسية قادت إلى هذا الصدام، بينما يبقى للدور الأمريكي والبريطاني حضور إشرافي واستشاري، إلا أن النفوذ المتضارب والمال والفساد والصدام الداخلي يجعل أي خطط غربية عرضة للانهيار.

وختم الحسني حديثه بالقول إن اليمن لم يشهد اقتتالًا “جنوب–شمالي” من قبل، وإن “الانتقالي” يحاول صناعة هذا الانطباع ليقدّم نفسه ممثلًا حصريًا للجنوب، لكن الرفض الجنوبي الواسع يجعله عاجزًا عن التحكم بالمشهد اليوم أو مستقبلًا، وكل التشكيلات التي تُصنع في هذا الإطار ترتد عكسيًا على صانعيها.