موازنة العجز السعودي تكشف فشل “رؤية 2030” وتفضح استنزاف الثروات لصالح أمريكا والعدوّ الإسرائيلي
ذمــار نـيـوز || مـتـابعات ||
7 ديسمبر 2025مـ – 16 جماد الثاني 1447هـ
تتوالى المؤشرات التي تكشف الانهيار المتسارع للاقتصاد السعودي تحت إدارة محمد بن سلمان، حيث تكشف الموازنة العامة الجديدة حجم العجز البنيوي المتفاقم، وتفضح حقيقة “رؤية 2030” التي تحوّلت إلى واجهة دعائية لتغطية الاستنزاف الهائل لثروات المملكة في صفقات سياسية واقتصادية لصالح واشنطن والعدوّ الإسرائيلي.
ويؤكّد خبراء الاقتصاد أنّ السعودية باتت أمام أزمة مالية خانقة تتعمق مع قفز الدين العام وتآكل الاحتياطات وغياب أيّ نتائج تنموية؛ ما يعكس فشل المشروع برمته وتحول المملكة إلى دولة تغرق في الديون والالتزامات الخارجية، موضحين أنّ الموازنة العامة الجديدة للمملكة، كشفت بأنّ شعارات “رؤية 2030” ليست سوى واجهة دعائية تُخفي أزمة مالية خانقة تتفاقم عامًا بعد عام، رغم الثراء النفطي الهائل.
وفي هذا الصدد، يؤكّد الخبير الاقتصادي سليم الجعدبي، أنّ الموازنة السعودية جاءت كاشفة لحقيقة مسار المجرم محمد بن سلمان، خصوصًا بعد أيام فقط منزيارته للولايات المتحدة وتعهدِه للرئيس الأمريكي ترامب بأكثر من تريليون دولار، في وقتٍ يُحرم فيه الشعب السعودي من أبسط حقوقه الاقتصادية، حيث كان الأولى بالشعب السعودي أنّ يحصل على تلك الأموال وأنّ يستفيد منها في قوت يومه، وكذلك في الوضع الاقتصادي للمملكة العربية السعودية.
الأرقام تفكك الادعاء
ويُشير الجعدبي في حديثة للمسيرة، إلى أنّ الأرقام التي أعلنتها وزارة المالية السعودية جاءت صادمة، وتكشف مستوى الاستهتار بثروات البلاد،وواقعًا اقتصاديًا شديد التدهور، محذّرًا من أنّ النظام يمارس تضليلاً يشبه ما مارسه الطغاة عبر التاريخ، مستحضرًا قول الله تعالى عن فرعون: “ما أريكم إلا ما أرى…”.
ويبيّن الجعدبي أنّ ما يسمى “رؤية 2030” التي أُطلقتفي 25 أبريل 2016م، لم تحقق إلا العجز المتواصل؛ إذ سجّلت الميزانية عجزاً قدره 297 مليار ريال في عام الإطلاق،وفي 2017م وصل إلى 230 مليار، ومن ثم وصل إلى 245 مليار، وإلى 165 مليار، وليستمر العجز تباعًا عند مستويات مرتفعة، مع توقعات رسمية باستمرار العجز في عامي 2027 و2028م، مؤكّدًا أنّ الأرقام هي الحَكَم الوحيد، وهي تُظهر فشلاً هيكليًا لا يمكن إخفاؤه بشعارات إعلامية.
ويوضح أنّ أرصدة الحكومة السعودية في البنوك انخفضتبعد صعود محمد بن سلمان إلى السلطة وإطلاق رؤية 2030، من 905 مليارات ريال،إلى 309 مليارات ريال سعودي فقط، أيّ تراجع يتجاوز 70%، فيما قفز الدين العام من 142 مليار ريال إلى 1867 مليار ريال سعودي، أيّ أكثر من 13 ضعفًا؛ ما يجعل المملكة – وفق وصفه – “دولة افتراضية” تستند إلى الديون في تمويل مصروفاتها.
ويُشير إلى أنّ موازنة 2025م زعمت أنّ العجز لن يتجاوز 101 مليار ريال سعودي؛بينما تُظهر تقديرات التقرير الفعلي لوزارة المالية السعوديةالذي صدر قبل أيام، أنّ العجز الحقيقي بلغ 245 مليار ريال، بزيادة تتجاوز 240%، ما يؤكّد أنّ الاقتصاد السعودي “في مهب الريح”، وأنّ الأرقام الرسمية ليست إلا أرقامًا تجميلية، لتغطية الانهيار.
دوامة العجز والديون المتصاعدة
من جهته، يؤكّد الخبير الاقتصادي، الدكتور حسن سرور، أنّ السعودية تعاني عجزًا بنيويًا متواصلاً منذ عام 2015م، وليس عجزاً طارئاً، موضحًا أنّ العجزالطارئ قد يحدث نتيجة مشاريع تنموية، ثم يُعاد ضبطه لاحقًا؛ أمّا العجز البنيوي فيعني أنّ السياسات المالية مختلة ومستمرة في إنتاج الفجوات عاماً بعد عام.
وفي حديثة للمسيرة، يلفت سرور إلى أنّ السعودية تعاني من عجز بنيوي مزمن في الموازنة العامة، الذي بدأ فعلياً في عام 2015، بعد عام 2014 الذي شهد فائضًا، ليستمر العجز حتى عام 2026م، مع توقعات باستمراره أيضًا في 2027 و2028م، موضحًا أنّ العجز حسب الأرقام السعودية، بلغ في 2015 نحو 367 مليار ريال، وفي العام 2017 بلغ 326 مليار ريال سعودي، أي ما يعادل 100 مليار دولارفي العامين، وفق الأرقام الرسمية لوزارة المالية؛ بينما قدّرت مؤسسات مالية دولية أنّ العجز الحقيقي في ذلك العام تجاوز 120 مليار دولار.
ويؤكّد أنّ هذا العجز جرى تمويله من خلال الاقتراض من المصارف المحلية والأجنبية؛ ما أدى إلى تضخم الدين العام تدريجيًا، من 142 مليار ريال، في عام 2015م، إلى رقم يُعتبر زهيدًا أمام الناتج المحلي الإجمالي السعودي وأمام المداخيل النفطية، موضحًا أنّ النفقات الحكومية المتضخمة تمنع أيّة إمكانية للخفض، وبالتالي يتراكم العجز سنويًا، ويجري سدّه فقط عبر الاستدانة، أيّ عبر زيادة الدين العام.
وبيّن أنّالمشاريع أو القوانين أو البرامج الخاصة من “خارج الموازنة” تموَّل عبر صندوق الاستثمارات السعودي، الذي لم يعد في وضع مالي جيد كما كان يُروَّج سابقاً، ومع وصول الدين العام إلى 33% من الناتج المحلي الإجمالي، فإن استمرار العجز البنيوي قد يحول هذا الدين إلى كرة ثلج تهدد استقرار الوضع المالي.
ويؤكّد أنّ التوقعات الحكومية “غير واقعية”، إذ تتكرر الفجوة سنوياً بين الأرقام المتوقعة والأرقام الفعلية، آخرها أن العجز المقدر لعام 2025 كانعند 101 مليار ريال، أي ما يعادل 2.3% من الناتج المحلي؛ بينما بلغ العجز الحقيقيإلى 245 مليار ريال، أي 5.3% من الناتج المحلي، وهذا ما يضع علامات استفهام كبيرة حول الشفافية والمصداقية في الإدارة المالية للمملكة، ويتكرر السيناريو ذاته في تقديرات 2026 و2027م؛ إذ يُرجَّح أنّ يدور العجز عند 2.3% و2.2% على التوالي، ما يضع علامات استفهام حول الالتزام والشفافية، ويشير إلى خلل اقتصادي عميق لا يُعالج بالخطاب الدعائي، بل بإصلاحات غائبة عن المشهد السعودي تماماً.
ويخلص الخبيران إلى أنّ الوضع الاقتصادي السعودي يتجه نحو تدهور متسارع، وأنّ النظام يواصل استنزاف الثروات في خدمة أمريكا والعدوّ الإسرائيلي، فيما يُترك الشعب السعودي يواجه أعباء السياسات الفاشلة، دون رؤية حقيقية أو مشروع وطني يحقق الاستقرار الاقتصادي.
