30 نوفمبر… ليس ذكرى، بل وعدٌ يتجدد كل عام
ذمــار نـيـوز || مـقـالات ||
28 نوفمبر 2025مـ – 7 جماد الثاني 1447هـ
بقلم// وفاء الكبسي
الثلاثون من نوفمبر ليس مجرّد تاريخٍ على صفحات الكتب، بل هو يومٌ انفجرت فيه روح اليمنيين من عدن إلى كل الساحل: ارحلوا… هذه أرض لا تنحني لمحتل.
في هذا اليوم من عام 1967، غادر آخر جندي بريطاني مدينة عدن بعد 129 عامًا من الاحتلال، بعدما اصطدم بجدار إرادةٍ يمنيةٍ صلبة لم تُهزم رغم القمع والتجبر.
لم يكن التحرير هديةً ولا منّة، بل كان ثمرة بنادق الفدائيين، وتضحيات الأحرار، وصمود شعبٍ أدرك أن الحرية تُنتزع انتزاعًا ولا تُستجدى من أحد.
ورغم عقود طويلة على خروج الاستعمار البريطاني، إلا أن الجنوب — بعين الكثير من اليمنيين — يعيش وصايةً خارجية بوجوه مختلفة، أبرزها قوات السعودية والإمارات المنتشرة في الموانئ والجزر والسواحل.
وجودٌ عسكري مباشر، نفوذ سياسي، قواعد تمتد، ومقدرات تُدار من خارج القرار الوطني… واقعٌ لا يشبه الشراكة ولا الدعم، بل يقترب — في نظر أبناء الجنوب — من الاحتلال بكل صوره.
فمن يسيطر على الشواطئ، ويفرض وكلاء، ويمسك بمفاصل القرار، لا يمكن أن يُسمّى إلا قوة احتلال مهما غيّر في الخطاب والمسمّيات.
المناضلون الذين أطاحوا بالإمبراطورية البريطانية لم يقدموا أرواحهم ليأتي زمن تُرفع فيه أعلام غير العلم اليمني فوق عدن.
لم يقاتلوا الإستعمار القديم ليجد أبناؤهم اليوم قواعد أجنبية تتحكم بمقدراتهم تتخفى وراء لافتات “التحالف” و“الدعم”.
وعدن التي أطاحت بالمستعمر الأول، قادرة على إسقاط كل غازٍ آخر، مهما غيّر عنوانه وشعاره وتبريراته.
التاريخ يقول: لا قوة في العالم تستطيع البقاء فوق أرضٍ يرفضها أهلها.
بريطانيا ذاتها — بكل جبروتها — خرجت في النهاية، ومن جاء بعدها سيخرج أيضًا، لأن إرادة الشعوب أقوى من كل الجيوش.
وحين يقرر اليمنيون، شمالًا وجنوبًا، أن السيادة خطٌ أحمر، فإن كل نفوذٍ خارجي يتبدد، وكل قوةٍ دخيلة ترحل، مهما طال الزمن أو تبدلت الظروف.
نحتفل بهذا اليوم لأنّه شاهدٌ على قدرة اليمنيين على كسر القيود.
وشاهدٌ آخر — للمستقبل — بأن اليمن لا يقبل الوصاية، ولا يرضى بالهيمنة، وأن كل قوة تتجاوز حدودها على أرضه ستغادر… كما غادرت بريطانيا من قبل.وما دام في اليمن رجالٌ قائدهم أبو جبريل… فلن تُداس أرضٌ اسمها الجنوب
هذه الأرض لم تتعوّد الهزيمة، ولن تُهزم.
وما دام فيها رجال يقودهم أبو جبريل-يحفظه الله- بعقيدتهم، بصمودهم، بثباتهم، وبصلابتهم في مواجهة الهيمنة — فإن الجنوب سيعود حرًّا، كامل السيادة، لا تتحكم به قوة غريبة ولا يفرض عليه أحد وصايته.
وجود أمثال هؤلاء الرجال يجعل التحرير وعدًا لا شكّ فيه، ومستقبلًا أقرب مما يظنّ كل من يحاول ترسيخ نفوذه على أرض اليمن.
سيأتي اليوم — كما جاء يوم 30 نوفمبر — الذي يخرج فيه آخر جندي محتل من عدن، وتعود الأرض لأهلها، والسيادة لليمن وحده.
