تصعيد صهيوني على لبنان.. أكثر من حربٍ نفسية
ذمــار نـيـوز || متابعات ||
10 نوفمبر 2025مـ –19 جماد الاول 1447هـ
تشهد الأجواء والحدود اللبنانية تصعيدًا خطيرًا من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، يتضمن استباحة كاملة للأجواء واعتداءات برية وجوية متواصلة، في محاولةٍ لفرض واقع جديد منذ صدور قرار وقف إطلاق النار؛ وترجح التحليلات أنَّ هذه الأعمال ليست مجرد “حرب نفسية”، إنّما هي إعداد حقيقي لـ “عملية عسكرية إسرائيلية كبيرة” قد تستهدف لبنان ككل وليس فقط جنوب لبنان.
وفي تفاصيل الاستباحة الصهيونية؛ نفذ جيش العدوّ الإسرائيلي منذ فجر اليوم الاثنين، عدة اعتداءات مسجلة في المنطقة الجنوبية، أبرزها؛ التوغل والتفخيخ في بلدة “حولا”، حيث تسللت قوة معادية فجرًا إلى البلدة ونفذّت عملية تفخيخ وتفجير مبانٍ في الحي الشرقي، كما عُثر على مواد متفجرة متعددة الأنواع “صلبة وسائلة” تركها العدوّ خلفه في “حولا” جنوبي لبنان، كما تشهد منطقة البقاع من فترة إلى أخرى اعتداءات صهيونية.
واستهدف طيران صهيوني مسيّر سيارة صباح اليوم، على طريق “أوتوستراد – البيسرية” متجهة نحو صيدا – بيروت؛ ما أدى إلى استشهاد أحد المواطنين اللبنانيين، مع استمرار “الإطباق الجوي المستمر” للطيران المسيّر بمختلف تشكيلاته فوق الجنوب ومناطق أخرى، بالإضافة إلى تحركات واعمال ينفذها جيش الاحتلال في النقاط التي يحتلها داخل الأراضي اللبنانية.
وشن الطيران الحربي الصهيوني غارات استهدفت الأحراش والأودية في مناطق “الجرمق والمحمودي والقطراني”، ضمن لغة”سردية ودعاية إسرائيلية” حول ضرب بنى تحتية للمقاومة، وكان جيش العدوّ الإسرائيلي قد أصدر بيانًا زاعمًا فيه: “قضينا على 3 عناصر من حزب الله في 3 مواقع مختلفة في جنوب لبنان”.
الحرب النفسية وعقيدة “التدمير والتهجير” تطفو إلى السطح:
في الإطار؛ تتحدث مصادر لوسائل الإعلام الصهيونية عن استعدادات قيادات عسكرية كبيرة لعملية عسكرية واسعة قد تستهدف بيروت، وهو ما يُفسر كـ “عملية عسكرية تستخدم فيها الطائرات والبحرية والمدفعية الإسرائيلية”.
ورغم ذلك، يعتقد المحللون أنّ العدوّ لا يرغب في الدخول في عملية اجتياح بري لتجنب الخسائر الكبيرة المتوقعة، بسبب استعدادات المقاومة “حزب الله” لمواجهةٍ برية، واعتراف الصهاينة بامتلاك المقاومة خبرة قتالية أكبر بكثير مما كانت عليه في عام 2006م؛ وإنّما يأتي هذا في سياق الحرب النفسية.
ويعتمد الكيان الإسرائيلي على “العقيدة العسكرية” التي ارساها “شمعون بيريز” عام 1996م، في عملية ما تسمى “عناقيد الغضب”، التي تقوم على “التدمير والتهجير” للمدنيين من الجنوب نحو بيروت، بهدف الضغط على الحكومة اللبنانية للتفاوض “تحت النار” أو تقوم بدورها بالضغط على المقاومة لسحب السلاح أو “الاستسلام”.
وفي سياقٍ متصل، تقوم سلطات الاحتلال بتسريح قوات الاحتياط البرية بكميات كبيرة، وهذا لا يعني عدم الرغبة في الحرب؛ بل يعني الاعتماد على القصف الجوي والمدفعي، وقد يكون “عملية تضليل” للقول بأنّ العدوّ الإسرائيلي يريد مفاوضات أو صفقة تنسحب بموجبها المقاومة دون تدخل صهيوني مباشر.
استمرار الاستباحة الصهيونية وتأثيرها على الدولة اللبنانية:
وتشير الكثير من التقارير الميدانية إلى أنَّ كيان الاحتلال الإسرائيلي يقوم بعمليات عسكرية مستمرة منذ 27 نوفمبر الماضي، رغم وجود اتفاق لوقف العدوان؛ ما يُكبد لبنان خسائر بشرية ومادية معظمها تطال المدنيين، وبادعاءات مثل “نقل أسلحة، تجديد بنى تحتية للمقاومة” وغيرها من المزاعم الصهيونية المعتادة، بهدف الضغط للجلوس على طاولة مفاوضات التطبيع.
وتؤكّد المعطيات أنَّ التصريحات الصهيونية تذهب إلى أنَّ “هذه المرة سيدفع لبنان الثمن وليس حزب الله وحده”، وتشير إلى أنّ التهديد هو للمنشآت والمؤسسات والشعب اللبناني عامة؛ لأنّ الدولة اللبنانية في الواقع ضعيفة ولا تقوم بحدود مسؤوليات السيادة والشرعية الداخلية، ومكبّلة بالقيود الأمريكية.
كما يهدف كيان الاحتلال من خلال هذه العمليات إلى دفع من يعتبرهم أصدقائه في لبنان ليكونوا طرفًا في “حرب أهلية لبنانية” ضد المقاومة، وهو أسهل وأفضل الحلول التي تراها سلطات العدوّ الإسرائيلي حاليًا، لكن القوى الموالية لـ (أمريكا وإسرائيل) لا ترغب في خوض نفس التجربة التي تخلى عنهم الكيان في عام 2000م.
وفي قراءةٍ لموقف المقاومة الإسلامية في لبنان، يرى مراقبون أنّها معنية حاليًا بـ “عدم التصعيد”، ورغم أنّ قوتها التنظيمية كبيرة؛ إلا أنّها تحاول إلزام الجميع بعدم الرد رغم كل الاستهدافات، كونها من جهة ملتزمة بما تقوله القيادة، ومن جهة أخرى تنتظر ما يمكن أنَّ تفعله الدولة اللبنانية والمكونات السياسية الأخرى في سياق ردّها على الاستباحة المستمرة.
في السياق، أكّد النائب في البرلمان اللبناني عن حزب الله، “علي المقداد”، بالقول: “لن نقبل بأيّ تفاوض ينتقص من قوتنا أو من حق لبنان في الدفاع عن نفسه، ولا يمكن أنّ نذهب مُجبَرين مستسلمين إلى طاولة المفاوضات بضغوط أمريكية إسرائيلية”.
ووفقًا للمعطيات؛ فإنّ الاعتداءات المتفرقة اليوم، تعكس الدور الأمريكي المتمثل بتسهيل وصول كيان العدوّ إلى أهدافه، وليس بكونها وسيطًا أو راعيًا لعملية سياسية أو اتفاق، وذلك عبر الضغط على الحكومة اللبنانية للسيطرة على سلاح المقاومة، أو تسهيل عمل عسكري إسرائيلي، أو عبر المحاصرة الاقتصادية ومنع إعادة الإعمار.
وتبدو وظيفة الولايات المتحدة في لبنان؛ بأنّها من تعطي الضوء الأخضر للإسرائيلي، للقيام بهذه العمليات والخروقات المتكررة، بما في ذلك عملية عسكرية كبيرة إذا اقتضى الأمر، وسط غياب أيّ دور للأمم المتحدة يُلزم كيان الاحتلال عن احترام المواثيق؛ كون الأمريكان يؤكّدون أنّهم “لا يريدون أنّ يلزموا (إسرائيل) بأيّ شيء لا تريده”.
