الشيخ: واشنطن تغسل سجل “الجولاني”.. وتحوّله إلى خادمٍ للمشروع الصهيوأمريكي
ذمــار نـيـوز || متابعات ||
10 نوفمبر 2025مـ –19 جماد الاول 1447هـ
قدّم رئيس مركز شمس للدراسات الاستراتيجية المتقدمة، الدكتور محمد الشيخ، قراءة معمّقة تكشف جوهر التحوّلات الخطيرة التي تديرها السياسة الأمريكية على الساحة السورية، وفي مقدّمتها عملية إعادة تدوير الإرهابي المدعو “أبي محمد الجولاني” وتحويله من “مطلوب عالمياً” إلى “ضيف مرحَّب به” في واشنطن، في خطوة اعتبرها الشيخ مؤشراً صارخاً على الارتباط الوظيفي بين الجماعات المسلحة والعدو الإسرائيلي تحت الرعاية المباشرة للإدارة الأمريكية.
وأوضح الشيخ في مداخلة له على قناة المسيرة صباح اليوم، أنّ تعريف الإرهاب وفق المنظور الأمريكي ليس معياراً قانونياً ولا أخلاقياً، بل معيار خاضع بالكامل لميزان العلاقة مع الكيان الصهيوني؛ فمن يقوم بعمليات لا تخدم العدو الإسرائيل يُصنَّف إرهابياً، بينما تُرفع صفة الإرهاب عن من يخدم مصالح الكيان بشكل مباشر أو غير مباشر، مشيراً إلى أن واشنطن رصدت عشرة ملايين دولار عام 2017 لأي معلومات تؤدي إلى القبض على “الجولاني” وصنّفته إرهابياً عالمياً، لكن هذا التصنيف تبدّل فوراً بعد أن سيطرته على مناطق متاخمة للكيان المؤقت وبدأ يؤدي الدور المطلوب منه.
وشدّد على أن “الجولاني”، الذي أعلن عداءه لمحور المقاومة واعتبر نفسه في “الخندق ذاته مع الكيان المؤقت”، لم يعد بالتعريف الأمريكي إرهابياً، بل أصبح—وفق تعبيره—“عبداً ” وأداة طيّعة في يد السياسة الأمريكية والصهيونية، خصوصاً بعد تبنّيه موقفاً عدائياً ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية وحزب الله وأنصار الله والحشد الشعبي، وهي القوى التي يخشاها العدو الإسرائيلي وتقف في وجه مشاريعه في المنطقة.
وأضاف أن زيارة الجولاني للولايات المتحدة ليست زيارة بروتوكولية، بل خطوة ذات أبعاد استراتيجية خطيرة، حيث ظهر في الفيديو المتداول برفقة أعضاء في قيادة التحالف الدولي ضد داعش داخل ملاعب كرة السلة، في إشارة إلى أنّ الإدارة الأمريكية تتعامل معه كشريك سياسي، لا كعدو.
وبين أن أحد ملفات الزيارة المطروحة هو بحث إدخال دمشق في ما يسمّى التحالف الدولي ضد داعش، معتبراً أن هذا التطور—إن تحقق—سيشكل مفارقة تاريخية تكشف ازدواجية السياسة الأمريكية وتلاعبها بالمشهد السوري.
وأشار إلى أنّ ما يسمى بـ “داعش” لم تكن يوماً تنظيماً عشوائياً، بل صناعة أمريكية مدروسة منذ أيام عبدالله عزام مروراً بأسامة بن لادن ثم الظواهري وصولاً إلى “الجولاني”، ضمن مخطط “الفوضى الخلاقة” الذي بشّرت به الإدارة الأمريكية لإعادة تشكيل المنطقة، معتبراً أن ما يسمى محاربة داعش ما هو إلا ستار لشنّ حرب على القوى التي تواجه كيان العدو الصهيوني بصدق، وعلى رأسها الحشد الشعبي وحزب الله وأنصار الله والجمهورية الإسلامية الإيرانية.
وقال إن التحالف الدولي لم يوجه ضربات حقيقية لداعش في مواقع الاشتباك، بل كان يلقي المساعدات الغذائية والطبية عبر المظلات للجماعات التكفيرية عندما حاصرهم الحشد الشعبي والجيش العربي السوري في الصحراء، وهو دليل واضح على أن الحرب المعلنة على داعش حرب رمزية، بينما الحرب الفعلية تُوجَّه ضد القوى المقاومة.
وفي سياق متصل، لفت الشيخ إلى أن واشنطن تسعى لتوظيف “الجولاني” لفرض نفوذ مباشر على الأرض السورية استعداداً لإقامة قاعدة جوية في دمشق، في سيناريو يذكّر باحتلال العراق تحت ذرائع مكافحة الإرهاب.
وأكد أن التحركات الأمريكية في الشمال تتكامل مع التوغلات الصهيونية في الجنوب السوري، حيث تواصل آليات العدو توغلاتها في ريف القنيطرة الشمالي وأقامت حواجز تفتيش بين الصمدانية الشرقية وخان أرنبة، بينما تلتزم واشنطن الصمت تجاه انتهاكات العدو للسيادة السورية.
وأعتبر الدكتور محمد الشيخ أن ما يجري اليوم ليس معركة ضد الإرهاب، بل إعادة تموضع كامل للجغرافيا السياسية بما يخدم العدو الإسرائيلي، وأن المدعو بـ “الجولاني” أصبح الواجهة الجديدة للمشروع الأمريكي—الصهيوني لإحكام القبضة على سوريا، وأن ترفيعه من إرهابي إلى شريك هو الدليل القاطع على أن واشنطن لا تحارب الإرهاب، بل تديره وتعيد إنتاجه بما يخدم مصالحها ومصالح الكيان المؤقت.
