حملة إزالة العشوائيات في العاصمة تفتح طرقًا وتغلق آمال أصحاب البسطات
ذمــار نـيـوز || تقارير ||
8 نوفمبر 2025مـ –17 جماد الاول 1447هـ
تقرير || هاني أحمد علي
كشف تقرير خاص لقناة المسيرة، ضمن برنامج نوافذ، فقرة “مجهر المواطن”، عن حالة من التباين في نتائج حملة تنظيم الأسواق وإزالة العشوائيات الكبرى في أمانة العاصمة، التي استهدفت عشرة شوارع رئيسية.
فبينما نجحت الحملة، التي تمت بالتنسيق بين وزارة الداخلية وأمانة العاصمة، في تحقيق اختراق إيجابي أزاح الاختناق عن شرايين العاصمة الرئيسية، إلا أنها اصطدمت بـ”عشوائية رسمية” تتمثل في غياب الخطط البديلة الفورية، وتداخل الصلاحيات بين المكاتب الخدمية، ما يهدد بضياع الإنجاز وإلحاق الضرر بآلاف الأسر الفقيرة.
وأكدت المتابعة المستمرة والنزول الميداني لـ”المسيرة” أن نجاح الحملة، الذي طال انتظاره بعد فشل محاولات سابقة، يظل نجاحاً نسبياً في ظل الحاجة الماسة لاستكمال تثبيت التنظيم وإيجاد حلول إنصاف عاجلة للفئة المستضعفة من الباعة المتجولين، تنفيذاً لتوجيهات القيادة بالاهتمام بأرزاق هذه الشريحة.
وأشار التقرير الميداني إلى وجود قصور في التنسيق بين مختلف الجهات المعنية، مما تسبب في استمرار بعض نقاط الاختناق، مثل بوابة فرزة الزهراوي ومدخل المستشفى، حيث تعيق البسطات حركة الباصات والمواطنين. كما أشار المواطنون إلى أن بعض الأسواق القديمة، رغم تنظيمها سابقاً، عادت إلى الفوضى نتيجة عدم التزام البعض بالمسافات المحددة أو التوجيهات الإدارية.
وذكر أن الحملة أثرت بشكل مباشر على حياة آلاف الأسر، لاسيما أصحاب البسطات الذين فقدوا مصدر رزقهم لفترات طويلة، ما دفع بالعديد منهم للضغط على الجهات الرسمية لإيجاد حلول عاجلة، لافتاً إلى أن المواطنين استفادوا من انسيابية حركة المرور، وفتح الطرق أمام الباصات ووسائل النقل، ما قلل من وقت الانتظار والزحام اليومي.
وقد أبرز التقرير الميداني حالة من التداخل والتهرب من المسؤولية بين مكاتب الجهات الرسمية المعنية، مما يشل عملية تثبيت التنظيم ومعالجة الإشكالات القائمة، وقد التقت “المسيرة ” بمسؤولين من النقل والأشغال والمرور، حيث رمى كل طرف باللوم على الآخر لعدم التعاون وغياب التنسيق المباشر، ما أدى إلى بقاء الواقع العشوائي على حاله في مناطق حيوية مثل فرزة الزهراوي.
وتأتي الحملة في سياق محاولة الجهات الرسمية لإنهاء الفوضى، وضبط الأسواق، مع مراعاة حقوق المواطنين والتجار، ومحاولة إيجاد توازن بين تنظيم الشوارع والحفاظ على مصدر الرزق للفئات المستضعفة.
تحديات أصحاب البسطات والمعالجات المقترحة
يعاني أصحاب البسطات من فقدان مصدر رزقهم لفترات طويلة تصل أحياناً إلى شهرين أو ثلاثة، دون تخصيص بدائل مناسبة، مما يضعهم أمام معاناة اقتصادية مباشرة.
وفي هذا السياق، أشار مدير مديرية معين، عبد الملك الرضي، إلى جهود إدارة المديرية لإيجاد بدائل تشمل، التفاوض مع ملاك المباني لتأجير مساحات مفتوحة أو هنجر لتوزيع البسطات بشكل منظم، ووضع اشتراطات لضمان أن صاحب البسطة هو العامل الوحيد في موقعه، للحفاظ على حقوقه ومنع التلاعب أو الاستغلال، واستخدام آلية متابعة شهرية لتقييم أداء الموظفين، مع نظام شكاوى مباشر يمكن المواطنين وأصحاب البسطات من تقديم بلاغات ضد أي تجاوزات، ومنع تسلم أي مبالغ مالية تحت أي مسمى أثناء إدارة الأسواق، بما يضمن عدم استغلال البسطات لأغراض مالية.
وأكد الرضي في لقاء مع قناة المسيرة، صباح اليوم السبت، ضمن برنامج نوافذ، أن الحملة تعمل وفق مبدأ “لا ضرر ولا ضرار”، حيث تُنفذ الإجراءات مع مراعاة حقوق المواطنين والتجار، ويُطلب من جميع الجهات الرسمية المشاركة الالتزام بالخطط الموضوعة وتطبيق القوانين والتعليمات بشكل متسق.
وأضاف أن الحملة مستمرة، وأن هناك خططاً لإيجاد بدائل سريعة للبسطات، مع تطبيق آليات رقابية صارمة لضمان عدم تكرار الفوضى، كما شدد على ضرورة تعاون جميع الجهات الرسمية والمجتمع المدني لإنجاح الحملة وتحقيق نتائج مستدامة.
كما دعا مدير عام مديرية معين، أصحاب البسطات إلى الالتزام بالنظافة، عدم قطع الطريق، وعدم دفع أي مبالغ مالية لأي شخص أثناء ممارسة نشاطهم التجاري، والتواصل المباشر مع إدارة الشكاوى في حال وجود أي تجاوزات.
ولفت إلى أنه ورغم الإنجازات الجزئية في تنظيم الأسواق وفتح الشوارع، تظل معاناة أصحاب البسطات قائمة، والحاجة ماسة لوضع بدائل مستدامة توفر لهم مصدر رزق آمن ومنظم، مبيناً أن نجاح الحملة يعتمد على التنسيق الكامل بين الجهات الرسمية، وتفعيل آليات المحاسبة، وإشراك المجتمع المدني، بما يحقق التوازن بين التنظيم المروري وحقوق المواطنين.
وأفاد الرضي أن الحملة تمثل خطوة مهمة نحو تحسين واقع الأسواق في العاصمة، لكنها تتطلب متابعة مستمرة، حلولاً عملية وواقعية، وإجراءات سريعة لتصحيح أي خلل وإيجاد بدائل ملموسة للبسطات المتضررة.
ونفى مدير مديرية معين نفياً قاطعاً وجود أي تحصيل لإيجارات أو إتاوات من البسطات تحت مسمى “حماية” أو غيره من قبل الموظفين، معتبراً أي ادعاء بلاغاً يتطلب الإجراء، وأقر بصعوبة الحصول على شكاوى خطية من المواطنين، خوفاً من الملاحقة، مؤكداً أن هذا يعيق مساءلة الموظفين المبتزين الذين يستغلون وظيفتهم، داعياً الباعة إلى الالتزام الفوري بالإبلاغ عن أي محاولة ابتزاز عبر رقم الشكاوى المخصص (01200199)، مؤكداً على المساءلة الفورية للموظف المخالف.
وفي ختام اللقاء، قدم مدير مديرية معين تعهداً واضحاً أمام المشاهدين لإنجاح مسار التصحيح، مشدداً على أمرين، الأول هو التعهد بالوصول إلى حل نهائي بشأن استئجار “الهنجر” المركزي في شارع هائل خلال شهر نوفمبر الجاري، لتوفير مأوى للباعة، وإلا سيتم إعادة تنظيمهم في الشارع تحت اشتراطات صارمة بالنظافة والالتزام بالمساحات.
أما الثاني هو التأكيد على أن الموظف الذي تثبت عليه شكاوى الابتزاز أو الإخلال بالمسؤولية يتم محاسبته، بدءاً من الإنذار وحتى الإحالة، إذا ثبتت الشكوى خطياً.
وتعد الأسواق الشعبية في العاصمة مركزاً أساسياً للنشاط التجاري، خصوصاً للشرائح البسيطة والمتوسطة، حيث توفر مصدر رزق لعشرات الآلاف من الأسر، ومع ذلك، شهدت السنوات الماضية انتشار البسطات العشوائية على الطرقات، ما أدى إلى ازدحام شوارع رئيسية، عرقلة حركة النقل، وخلق بيئة غير منظمة تزيد من حدة الفوضى والصراعات بين أصحاب البسطات.
