الخبر وما وراء الخبر

الفاشر تحت وطأة العنف ومدعي الجنائية الدولية يصفه “قد يرقى إلى جرائم حرب”

4

ذمــار نـيـوز || متابعات ||

3 نوفمبر 2025مـ 12 جماد الاول 1447هـ

تكتنف مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور غربي السودان، حالة من الغموض والقلق الشديد في ظل استمرار قطع الاتصالات ومنع دخول المنظمات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة، وسط اتهامات مباشرة للإمارات العربية المتحدة بتغذية الصراع في السودان؛ فيما يرى مكتب مدعي الجنائية الدولية العنف في السودان بأنّه “قد يرقى إلى جرائم حرب”.

وتأتي هذه التطورات في وقتٍ ترفع فيه المنظمات الأممية والمحلية صوتها محذرةً من فظائع جسيمة يتعرض لها المدنيون المحاصرون داخل مدينة الفاشر؛ إذ تشير التقارير إلى تزايد استخدام العنف الجنسي والترهيب والقتل كأساليب رئيسية للعنف في الفاشر، تستهدف النساء تحديدًا، وتشمل التعذيب والقتل والاعتداء الجنسي.

وكشفت وزيرة الدولة للرعاية الاجتماعية السودانية “سليمة إسحاق” عن قيام قوات الدعم السريع بقتل 300 امرأة خلال يومين في الفاشر، واغتصاب العشرات؛ تم توثيق “25” امرأة من بينهن صحفيات وأطفال، وتحدثت عن تفاصيل إنسانية كارثية، منها حالات تعمّد اللمس في المناطق الحساسة وإهانة النساء من قِبل قوات الدعم السريع.

وأشارت الوزيرة إلى عدم وجود أيّ شكل من أشكال الحصانة، سواء العُمرية أو المكانية، وتطال هذه الانتهاكات الأطفال، بما في ذلك طفلة بعمر السنة، والمسنّات بعمر الـ 85 عامًا، جميعهن يتعرضن لأشكال مختلفة من العنف الجسدي والجنسي، وتنظر إلى هذه الجرائم كجزءٍ من “تطهير عرقي ممنهج”، مشيرةً إلى أنّه تم توثيق جرائم مباشرة لعناصر الدعم السريع وشعورهم بـ “لذة الانتصار” ومتعة القتل.

وفيما طالب الصليب الأحمر في السودان بتوفير ممرات آمنة للراغبين في الخروج من مناطق القتال؛ لفتت مصادر طبية سودانية إلى مقتل خمسمائة مريض في أحد المستشفيات، بالإضافة إلى تعرض المدنيين النازحين لهجمات أثناء محاولات هروبهم، تتضمن جميع أنواع العنف الجنسي والابتزاز المالي، مطالبةً قوات الدعم السريع المدعومة إماراتيًا بـتجنيب المدنيين ووقف استهدافهم، وتسهيل دخول المساعدات الضرورية العاجلة إلى إقليم دارفور والفاشر تحديدًا.

وأكّدت تقارير عن منظمات إنسانية وحقوقية أنّ دائرة النزاع تتسع في مناطق دارفور، مع توسع أعمال القتال والاستخدام الواسع النطاق للمسيرات الحربية التي وصلت أهدافها إلى الخرطوم، مشيرةً إلى أنّه وبعد افتتاح مطار الخرطوم مؤخرًا، تبعته عمليات عسكرية استهدفت محيط المطار؛ مما يشير إلى أن السيطرة على الخرطوم لا تزال محل نزاع.

وفي السياق، أعلنت المحكمة الجنائية الدولية، اليوم الاثنين، عن قلقها بشأن تقارير تؤكّد ارتكاب قوات الدعم السريع قتلاً جماعيًا واغتصابًا بالفاشر في السودان، لافتةً إلى أنّ الفظائع في الفاشر جزء من نمط عنف أوسع نطاقًا شمل منطقة دارفور بأكملها منذ أبريل 2023م.

وأوضحت أنهاتتمتع بالاختصاص القضائي على الجرائم المرتكبة في النزاع الدائر بدارفور، وأنّ الأفعال المنسوبة لقوات الدعم السريع بالفاشر، جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في حال ثبوتها، وشدّدت على تحقيق مكتب المدعي العام للمحكمة في الجرائم المرتكبة في دارفور منذ اندلاع الأعمال العدائية، متوعدةً باتخاذ خطوات فورية بشأن الجرائم لاستخدام الأدلة ذات الصلة في الملاحقات القضائية.

وكان مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، “تومب فلاتشر”، أشار إلى التراجع “المدمر” للوضع الإنساني في السودان، في ظل عجز بنسبة 74% في تمويل البرامج الإنسانية، لافتًا الانتباه إلى وضع الأطفال في الفاشر ومناطق دارفور، حيث يواجهون عددًا كبيرًا من الانتهاكات، وأنّ 90% من أطفال السودان حُرموا من التعليم لمدة عامين على الأقل.

وحمّل الأمين العام المساعد قوات الدعم السريع مسؤولية عرقلة عمل الأمم المتحدة التي تطالب بهدنة إنسانية يومية، خاصة في الفاشر،وعبّر المندوب الجزائري عن موقف بلاده، مُحمّلاً قوات الدعم السريع المسؤولية “الكاملة” عن الانتهاكات الجارية في الفاشر.

وأشار المندوب الجزائري بإسهاب إلى “دور التدخل الخارجي” في النزاع، مؤكّدًا دعم الجزائر لبيان الاتحاد الأفريقي الذي شدّد على ضرورة وقف التدخلات الخارجية وكشف أسماء الدول المتورطة والمُغذية للحرب، مؤكّدًا على رفع الحصانة بشكلٍ كامل عن قوات الدعم السريع بسبب “الانتهاكات الفظيعة” وتأسيسها “سلطة موازية” لسلطة الخرطوم.

ويحثّ المجتمع الدولي جميع الدول الأعضاء على الامتناع عن أيّ تدخل خارجي يهدف إلى تأجيج الصراع وعدم الاستقرار في السودان، مؤكّدًا دعمه لموقف الاتحاد الأفريقي في هذا الصدّد، مشدّدًا على ضرورة استئناف المحادثات بين الأطراف والعمل على التوصل إلى حل سياسي دائم للنزاع.

وبشكّلٍ عام، يعكس الوضع الحالي في السودان حالةً من الإدانة الدولية الواسعة والموحدة لانتهاكات قوات الدعم السريع، وتذكيرًا بالقرارات السابقة التي لم يتم الامتثال لها، بالإضافة إلى التشديد على حماية المدنيين وفتح الممرات الإنسانية والتحذير من مخاطر توسع الصراع والتقسيم، الذي تسعى إليه الإمارات بدفعٍ صهيوني واضح.