الخبر وما وراء الخبر

شوارع العاصمة.. حفر تنذر بكارثة ومسؤولية تائهة بين الأشغال ومؤسسة المياه

17

ذمــار نـيـوز || متابعات ||

26 أكتوبر 2025مـ 4 جماد الاول 1447هـ

يمشي سكان حي فروه بمديرية شعوب وكأن الأرض تتنفس من كثرة الحفر والمطبات، والإسفلت المتشقق يحول كل مشوار يومي إلى مخاطرة.

أحد السكان يروي: “اضطررنا نصلح الشارع على حسابنا أكثر من مرة، المسؤولون يزورون المكان، يأخذون الملاحظات، ثم لا يحدث شيء”. هذه الشهادات تتكرر في شوارع العاصمة، حيث الحفر التي لم تُعالج منذ سنوات تحولت إلى تهديد يومي للمارة والسيارات.

ويكشف تقرير رسمي حديث عن انخفاض قياسي في تراخيص الحفر الممنوحة للمواطنين، بفعل إجراءات طويلة ورسوم مرتفعة وضعف الرقابة على فرق الأشغال، ما رفع احتمالات المخالفات وأضعف ثقة المستفيدين.

المواطن الذي يسعى لتوصيل خدمة صرف صحي أو مياه لمنزله يواجه مسارًا طويلًا من التراخيص والرسوم، وغالبًا ما يجد الحفر بعد التنفيذ غير مغطاة بشكل سليم والمخلفات باقية رغم دفعه كل الرسوم.

من جانبه أكد مدير عام مؤسسة المياه والصرف الصحي المهندس محمد داعس لبرنامج “نوافذ” على قناة المسيرة أن التنسيق مع قطاع الأشغال قائم، وأن أي توصيل للمواطن لا يتم إلا بعد إصدار التراخيص وقطع رسوم إعادة الاسفلت.

وأقر مداعس بوجود اختلالات، منها الانهيارات في خطوط الصرف الصحي القديمة التي وصلت إلى نهاية عمرها الافتراضي، ما يجعل إعادة تأهيل الطرق أمرًا صعبًا في مناطق مثل شارع الزبيري، الدائري، وجولة سبأ، مبيناً أن توقف الدعم عن مشاريع بعض الشوارع نتيجة الظروف السياسية أثر على قدرة المقاولين في استكمال أعمال الاسفلت.

من جانبه، أوضح مدير المشاريع بقطاع الأشغال العامة بالأمانة المهندس علي أبو الرجال، أن الأشغال هي الجهة المسؤولة عن منح التراخيص واستلام رسوم إعادة الاسفلت، وأي تأخير غالبًا يعود إلى التزامات مالية أو توقف الدعم من المانحين.

وأشار أبو الرجال في مداخلة على قناة المسيرة إلى أن هناك اعتداءات على شبكات الصرف الصحي من قبل المواطنين، ما يؤدي إلى تلف الطرق والإسفلت ويزيد من تعقيد الأزمة.

ويؤكد خبراء الطرق أن المشكلة مركبة، تجمع بين ضعف التنسيق، القصور الإداري والفني، شح الإمكانيات، وقلة الإيرادات، خصوصًا في المناطق العشوائية والخطوط المنهارة، لاسيما وأن بعض المعدات الثقيلة تُردم دفعة واحدة دون الالتزام بالمعايير الهندسية، ما يؤدي إلى هبوط سريع في الاسفلت ويجعل الطرق أكثر هشاشة أمام الأمطار والعبور اليومي.

ويشير الأهالي إلى أن هذه الإخفاقات تجعلهم يدفعون ثمن الإهمال، حيث يُطالبون بدفع الرسوم والموافقة على التراخيص، بينما الجهات المعنية لا تلتزم بواجبها في إعادة تأهيل الشوارع ورفع المخلفات.

المواطن يتحمل الأضرار، والإسفلت ينهار، والمال العام يُهدر، في حين تبقى الشوارع شاهدة على سنوات من التقصير والفوضى.

وبحسب المسؤولين والخبراء، فإن الحل يبدأ بفرض الرقابة الصارمة، وتسريع إجراءات منح الترخيص، وتعزيز التنسيق بين مؤسسة المياه وقطاع الأشغال، وضمان تنفيذ المشاريع وفق المعايير الهندسية، مع إلزام الجهات المعنية بإزالة المخلفات وإعادة طبقات الإسفلت بالكامل، خصوصًا في المناطق القديمة والمنهارة.

كما يجب تدخل الجهات الأمنية والقضائية للحد من الاعتداءات على شبكات الصرف الصحي، التي تزيد من أضرار الطرق وتفاقم الأزمة.

وبين تراخيص الحفر، إخفاقات التنفيذ، وشهادات السكان، يظهر واضحًا أن المواطن هو الضحية الأساسية، وأن الأزمة تحتاج إلى إرادة حقيقية من كل الجهات المعنية لضمان شوارع آمنة، وصورة حضرية تليق بالعاصمة، قبل أن يتحول خراب الشوارع إلى مأساة لا رجعة فيها.