الخبر وما وراء الخبر

خيارات المنطقة أمام خطة ترامب.. استسلام أم مقاومة لا تهدأ؟

5

ذمــار نـيـوز || متابعات ||

30 سبتمبر 2025مـ 8 ربيع الثاني 1447هـ

يستعجل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ردّ حركة المقاومة الإسلامية حماس على خطته الاستسلامية، معطيًا الحركة مهلة أربعة أيام للرد، مصحوبًا بتهديده بأن العدوّ الإسرائيلي سيكون له أن يعمل ما يشاء.

وتجمع كلّ القراءات التحليلية أن ما حدث في المؤتمر الصحفي للمجرمين ترامب ونتنياهو أشبه بمسرحية شارك فيها كمبارس من الدول العربية والإسلامية، أشبه بمن يعطي حماس حبلاً ويطلب منها الانتحار من أجل إيقاف الحرب، في مشهد أظهر الجلاد بريئًا والضحية متهمًا؛ وكأن الهدف من الخطة إظهار حماس في موقف المعرقل للسلام والرافض له.

في مواقف كثيرة كان الفشل سيد الموقف؛ فعلى سبيل المثال، وفي ذروة العدوان السعودي–الأمريكي على بلادنا في 2015م، كان العدو يطلب من أنصار الله الخروج من المدن وتسليم الأسلحة مقابل وقف الحرب، في لغة استعلائية تهدف إلى إجبار الخصم على الاستسلام. غير أن اليمنيين لم يستسلموا ولم يتركوا للعدو فرصة أن يحقق بالسياسة ما عجز عنه عسكريًا.

ويمضي العدوّ الأمريكي–الصهيوني في المسار ذاته، فبعد أن أخفق في حربه العسكرية على قطاع غزة على مدى العامين الماضيين، يريد الظهور في صورة المنتصر، لا سيما وأن الحدث يتزامن مع اقتراب الذكرى الثانية لطوفان الأقصى؛ وهنا يقدم ترامب طوق نجاة لنتنياهو كما قدّمه سلفه السابق جون بايدن.

وإلى جانب الترحيب الصهيوني بخطة ترامب، رحبت كذلك دول عربية وإسلامية مثل تركيا وباكستان والمملكة العربية السعودية والإمارات وقطر، كما رحّبت دول غربية سبق أن تبنّت مشروع الاعتراف بالدولة الفلسطينية مثل فرنسا وبريطانيا، ووقفت إلى صفّ ترامب. في المقابل وصف وزير المالية الصهيوني بتسيلئيل سموتريتش الخطة بأنها «فرصة تاريخية ضائعة»، وأنها تتجاهل جميع الدروس المستفادة من السابع من أكتوبر، معتبرًا أنها ستنتهي بالدموع أيضًا، مضيفًا: «سيجبر أبناؤنا على القتال مجددًا في غزة».

وفي أول الردود الفلسطينية السريعة على خطة ترامب، اعتبر الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة أن الخطة «وصفة لاستمرار العدوان على الشعب الفلسطيني بهدف تفجير المنطقة». كما انتقدت ثلاث فصائل فلسطينية منضوية في إطار منظمة التحرير، على لسان مسؤولين فيها، هذه الخطة، معتبرين أنها لا تحمل أي ملامح لإنهاء الحرب، بل تشكل وصفة لإدارتها وإطالة أمدها، مشيرين إلى أن جوهرها يقوم على تقويض الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية وفصل غزة عن الكيانية السياسية والجغرافية للشعب الفلسطيني. واعتبروا أن الخطة تكريس لوصاية دولية تعيد إنتاج الاستعمار بأدوات جديدة، وأنها جاءت لإنقاذ الاحتلال من مأزقه بعد فشله في تحقيق أهدافه السياسية والعسكرية على مدى عامين من العدوان.

ويرى الكثير من المتابعين والمحللين أن الخطة المطروحة على غزة تمثل وثيقة «استسلام»، وأن بنودها تكرّس الإذلال بدلًا من تحقيق حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، معتبرين أن قبول هذه الدول العربية والإسلامية بالخطة يشكل غطاءً مقصودًا لمخطط يعيد رسم الواقع الفلسطيني لصالح الاحتلال، ومشاركةً في تصفية القضية الفلسطينية.

وحتى كتابة التقرير، لم يصدر عن حماس ترحيب أو رفض رسمي للمبادرة؛ فالخيارات مزعجة أمامها، والدول العربية والإسلامية الموافقة على الخطة تضغط بكل قوة من أجل إجبارها على القبول والانحناء والاستسلام.

وفي سياق مواقف محور المقاومة، لم تبرز حتى الآن بيانات رسمية حول الخطة بقدر ما ظهرت تصريحات لمسؤولين بارزين تندد بها؛ حيث وصف عضو المكتب السياسي لأنصار الله، الأستاذ محمد الفرح، ما يُسمّى بخطة ترامب للسلام بأنها غير واقعية وغير عادلة وغير قابلة للتنفيذ، مؤكّدًا أن هدفها هو حشر حماس في زاوية وتحميلها المسؤولية، وامتصاص سخط العالم ضد كيان العدو الصهيوني، وتفريغ التضامن العالمي مع فلسطين من معناه.

وتأتي الخطة في وضعية غير منسجمة مع طرق وأدوات السلام؛ فقد قُدمت في وقت قصير، وتحمل تهديدًا بالضغط العسكري لإجبار فصائل المقاومة الفلسطينية على قبولها، كما استثنت السلطة الفلسطينية منها، وأتاحت الحكم للقطاع لشخصية دولية سيئة الصيت اسمه توني بلير. من أبرز مخاطرها أيضًا غياب آليات واضحة للتطبيق أو جدول زمني يوضح كيفية انسحاب جيش الاحتلال من قطاع غزة.

وتُظهر الخطة الطرف الفلسطيني والمقاومة كمعرقل للسلام، ما قد يؤثر على الرأي العام الدولي والفلسطيني. ولذلك تُعرَض كحلٍّ سريع لكنها تفتقد عناصر التطبيق العملي؛ وهذا الضغط الزمني والتهديد العسكري قد يؤدي إلى تصعيد في العمل العسكري لا إلى سلام كما يدّعي المجرم ترامب.

من الضروري أن تتبنى الفصائل الفلسطينية موقفًا موحّدًا جامعًا؛ فما يحدث يهدد مستقبل القضية الفلسطينية، ويدخل القطاع والضفة في حقبة استعمارية جديدة بغطاء أمريكي–بريطاني–غربي، وبخيانة وتواطؤ سعودي، إماراتي، مصري، تركي، وباكستاني.