الملف النووي الإيراني.. العقوبات الأممية تعود وسط تحذيرات برد رادع
ذمــار نـيـوز || متابعات ||
21 سبتمبر 2025مـ 29 ربيع الأول 1447هـ
تشهد الساحة الدولية هذه الأيام تصعيداً متسارعاً حول الملف النووي الإيراني، في ظل عجز مجلس الأمن عن تبني قرار يمنع تمديد العقوبات، وهو ما أعاد القضية إلى الواجهة مجدداً، مثيراً مخاوف من دخولها مربعاً جديداً يفتح الباب أمام جولة أكثر حدة من التجاذبات بين طهران والدول الغربية.
ومع اقتراب موعد 28 من الشهر الجاري، حيث تدخل العقوبات الأممية حيز التنفيذ، تبدو المنطقة وكأنها تعود إلى نقطة الصفر، لتعيد إنتاج أجواء الضغط القصوى التي سبقت توقيع الاتفاق النووي عام 2015م.
وأفاد مراسل قناة المسيرة في طهران، علي جعفر، اليوم، لبرنامج نوافذ، أن إيران تنظر إلى قرار إعادة فرض العقوبات باعتباره ضربة قاسية للاتفاق النووي الذي مثّل في حينه نموذجاً للتسويات السياسية عبر الدبلوماسية، لكنه اليوم يواجه خطر الانهيار الكامل بفعل انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق قبل سنوات، ثم عجز الأوروبيين عن الإيفاء بوعودهم وتعويض طهران عن الأضرار الناجمة.
وأوضح جعفر أن العقوبات التي ستعود اعتباراً من الأسبوع المقبل تشمل حظر استيراد وتصدير السلاح من وإلى إيران، وفرض قيود إضافية على البرنامج النووي، إلى جانب إجراءات مشددة ضد المصارف الإيرانية، وأشخاص ومؤسسات، وصولاً إلى التضييق على حركة الطائرات والسفن الإيرانية، ما يجعلها عقوبات شاملة تحت الفصل السابع، ورغم أن هذه العقوبات لا تمنح الدول تفويضاً مباشراً بشن عدوان عسكري على إيران، إلا أنها تحمل في طياتها تصنيف الجمهورية الإسلامية كتهديد للأمن الإقليمي، وهو ما يفتح المجال أمام مزيد من الاستفزازات.
وأشار إلى أن طهران لا ترى في هذه الخطوات سوى حرب نفسية جديدة، تستهدف إضعاف موقفها السياسي والاقتصادي، خصوصاً أن التجربة أثبتت أن العقوبات لم تثمر سوى مزيد من الصمود الإيراني. ولفت إلى أن الخارجية الإيرانية تستند في موقفها إلى حقيقة أن البرنامج النووي الإيراني يخضع لرقابة هي الأشد على مستوى العالم، من خلال التفتيش المستمر للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهو ما يؤكد حسن النوايا الإيرانية التي تجلت في تفاهمات سابقة، من بينها اتفاق القاهرة، والتفاهمات المباشرة مع الوكالة بشأن عمليات التفتيش وعدد المفتشين والمناطق الخاضعة لها.
كما نقل عن رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى، إبراهيم عزيزي، تحذيره الحازم من أن إعادة تفعيل آلية “الزناد” لن تمر دون رد، مؤكداً أن إيران تمتلك من الإرادة والإمكانيات ما يجعلها قادرة على مواجهة أي تصعيد، وأنها لن تسمح بتهديد سيادتها أو حقوقها المشروعة.
وبينما تتمسك طهران بموقفها الرافض لأي ابتزاز سياسي، تواصل في الوقت نفسه إبقاء قنوات الحوار والدبلوماسية مفتوحة، غير أن الأجواء تعكس قناعة متنامية بأن العواصم الأوروبية باتت تتحرك في الإطار الأميركي–الصهيوني، متخلية عن أي دور مستقل أو متوازن، ما يعمّق من فجوة الثقة ويجعل فرص التوصل إلى تسويات واقعية أكثر صعوبة.
وفي المحصلة، فإن إعادة فرض العقوبات الأممية على إيران لا يمثل مجرد خطوة إجرائية، بل يعيد إلى الأذهان سنوات طويلة من الشد والجذب التي أحاطت بالاتفاق النووي منذ توقيعه عام 2015م.
ومع دخول المنطقة مرحلة جديدة من الضغوط، يبقى السؤال الأبرز: هل تنجح لغة الدبلوماسية في إنقاذ الاتفاق من الانهيار، أم أن مسار التصعيد سيقود المنطقة إلى مواجهة مفتوحة على احتمالات مجهولة؟