اليمن يبدد أسطورة الردع الجوي الصهيوني
ذمــار نـيـوز || متابعات ||
8 سبتمبر 2025مـ 16 ربيع الأول 1447هـ
تسببت العملية الواسعة للقوات المسلحة اليمنية والتي استهدفت عمق كيان العدو في فلسطين المحتلة بثمان طائرات مسيرة، احداها استهدفت مطار رامون بشكل مباشر صدمة واسعة في أوساط العدو الصهيوني، وأثارت نقاشًا معمقًا لدى الخبراء العسكريين والمراقبين حول أبعادها الاستراتيجية ودلالاتها الميدانية.
ويتساءل الكثير من المحللين الصهاينة كيف تمكنت طائرة مسيرة يمنية من اختراق كل الحواجز التقنية والرادارية، وتصل إلى هدفها في ظل ما يصفه الاحتلال بأكبر عملية إطباق أمني وإلكتروني في العالم، أن معادلات الردع التي طالما تفاخر بها قد انهارت، وأن ما بعد هذه العملية ليس كما قبلها.
اللافت أن نتائج العملية لم تتوقف عند المشاهد التي بثها الإعلام العبري أو رواية العدو، حيث ظهرت مؤشرات أخرى أكثر خطورة تتعلق بقدرة المسيّرة اليمنية على التخفي واجتياز المراقبة الإلكترونية المعقدة دون أن تُكتشف أو تُعترض.
ويتقاطع هذا الانكشاف مع فشل متعدد المستويات، بدءًا من القبة الحديدية مرورًا بالمنظومات الدفاعية الأمريكية المرافقة مثل “ثاد”، وصولًا إلى مراكز القيادة والسيطرة التي عجزت عن التعامل مع التهديد في الزمن الفعلي.
ويرى محللون أن العملية بجانب نجاحها التكتيكي فهي تعبير واضح عن تحول نوعي في القدرات اليمنية، فمن خلال تعدد المسيّرات المهاجمة وتوزعها في أزمنة ومسارات جغرافية معقدة، نجحت إحداها في بلوغ هدفها، ما يشير إلى وجود عقيدة قتالية جديدة تعتمد على الإرباك وتعدد الجبهات، هذا المسار التصاعدي في تطوير القدرات أعلن عنه اليمن مرارًا، وأكده السيد القائد يحفظه الله باعتباره خيارًا استراتيجيًا يهدف إلى مراكمة عناصر القوة واستنزاف قدرات العدو.
الأهم أن العملية جاءت لتؤكد سقوط التفوق الجوي للكيان الذي كان يمثل ركيزة أساسية في منظومة ردعه، فعلى مدى عقود كان الاحتلال يفاخر بأن سماء فلسطين المحتلة تحت حماية أنظمة دفاعية تُصنّف كالأكثر تطورًا في العالم، لكن لحظة وصول المسيرة اليمنية إلى مطار رامون فضحت هذا الوهم، وأثبتت أن التفوق المزعوم بات هشًا أمام تطور إمكانيات محور المقاومة.
ويضع هذا التطور الكيان الصهيوني أمام معادلة جديدة؛ فالعدوان الإجرامي في غزة وتصعيد العمليات القتالية أو محاولة استهداف خطوط الإسناد لم يعد يجدي نفعًا، إذ إن المسيرات اليمنية والصواريخ بعيدة المدى باتت حاضرة بقوة وقادرة على تجاوز الموانع، وبذلك، فإن أي رهان صهيوني على استعادة الردع أو على إخضاع محور المقاومة بات رهانًا ساقطًا قبل أن يبدأ.
وتعكس العملية أن الإسناد اليمني للمقاومة الفلسطينية ثابت ومتصاعد، سواء عبر البحر أو الجو، وهو ما يضاعف من قلق الاحتلال الذي يرى في هذا الدعم كسرًا لكل محاولاته لعزل غزة ومحاصرتها، ومع الحضور اليمني الشعبي والرسمي أو الإقليمي المتنامي، سواء من العراق أو إيران أو غيرهما، تتأكد حقيقة أن مشروع المقاومة بات أكثر رسوخًا وتجذرًا من أي وقت مضى.
في المحصلة، لم يعد أمام العدو سوى الاعتراف بأن مرحلة جديدة بدأت، عنوانها انكشاف السماء وتآكل الردع، وأن التحديات المقبلة أخطر وأعقد مما اعتاد عليه، فقد سقطت رهاناته القديمة، وتحوّل التهديد اليمني إلى كابوس استراتيجي مفتوح على احتمالات غير مضمونة، ليبقى الكيان أمام انتظار العواقب الثقيلة التي لن يستطيع التحكم بمساراتها.