الأهنومي: الاقتداء العملي بالنبي يظهر بشكل واضح لدى المجاهدين في غزة واليمن وحزب الله
ذمــار نـيـوز || متابعات ||
26 أغسطس 2025مـ 3 ربيع الأول 1447هـ
تقرير || هاني أحمد علي
أكد الدكتور أستاذ التاريخ الإسلامي في جامعة صنعاء، حمود الأهنومي، أن السبب الرئيسي لأزمة الأمة الإسلامية وتخلفها، يعود إلى “تغييب وتشويه” النموذج النبوي، وغياب الاقتداء العملي بشخصية النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم في كافة مجالات الحياة، موضحاً أن الحل يكمن في إقامة مشروع حضاري يعود بالأمة إلى تحقيق القسط والعزة.
وشدد الأهنومي في لقاء مع قناة المسيرة، على أن مهمة الأنبياء الأساسية هي إقامة “القسط” في الحياة، مستشهداً بالآية القرآنية: “لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ”، مبيناً أن هذا الهدف يستدعي من الأمة الاقتداء بالنبي في جميع الجوانب: الوعي، والعقيدة، والثقافة، والسياسة، والاقتصاد، والاجتماع، فمشروع الإسلام هو مشروع هداية وتطبيق واقعي وعملي للعدل.
وأشار إلى أن الأمة اليوم تعيش أزمة حقيقية تتمثل في غياب النموذج النبوي، خاصة في جانب الجهاد ومواجهة العدو. وتساءل: “أين رسول الله الآن؟” في سياق المواجهة بين المسلمين واليهود والصهاينة، معتبراً أن الاقتداء العملي بالنبي يظهر بشكل واضح لدى المجاهدين في غزة واليمن وحزب الله، لكنه يكاد يكون غائباً على مستوى العالم الإسلامي.
واستشهد بآية “لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ”، مؤكداً أنها جاءت لتوبيخ المنافقين والمرضى في قلوبهم الذين لم يتحركوا أو يثقوا بالله كما فعل المؤمنون، وكأن هناك رابطاً بين عدم الاقتداء بالنبي وغياب الإيمان بالله واليوم الآخر.
تتبع أستاذ التاريخ الإسلامي في جامعة صنعاء، المسار التاريخي الذي أدى إلى تغييب وتشويه النموذج النبوي، بدءاً من مخالفة وصية النبي بعد وفاته، وهو ما يعتبره “ضرباً لقدسية الرسول في قلوب الناس”، ثم جاءت مرحلة “الخلافة” التي تحولت إلى “مُلك عضوض” على يد الأمويين، حيث تم تطويع المفاهيم الدينية لتبرير الطاعة والخضوع للحاكم.
وأوضح أن الأمويين غذوا أفكاراً مثل “الجبر” و”الإرجاء” وروجوا لمرويات تقدس الخنوع للحاكم، وقاموا بـ”لجم الأفواه” ومنعوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واستذكر كيف أن الإمام زيد بن علي عليه السلام قام بثورته رداً على هذه المظاهر، مؤكداً أن الأمة التي لا تأمر بالمعروف ولا تنهى عن المنكر هي أمة مهزومة.
وتحدث الدكتور الأهنومي عن العصر الحديث، مشيراً إلى أن المسلمين أهملوا التعامل مع مظاهر الكون، بينما انطلق الأوروبيون في مجال العلم والتطور التقني، موضحاً أن هذا الفراغ القيادي والجهل لدى المسلمين أدى إلى استغلال الغربيين للوضع، حيث قدموا أنفسهم كقدوة يجب تقليدها، ووصفوا الدين الإسلامي بأنه “سبب تخلف الأمة وتراجعها”.
وأضاف أن الغربيين خدموا هذا المجال من خلال كتابة السير عن شخصياتهم التاريخية، في الوقت الذي تم فيه “تغيب وتشويه” شخصية النبي في الذهنية الإسلامية، مما جعل الأمة مستعدة لتلقي أي قدوة أخرى غير قدوتها الحقيقية.
وأفاد أستاذ التاريخ الإسلامي في جامعة صنعاء، أن الأمة اليوم بحاجة ماسة للعودة إلى الاقتداء العملي بالنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، في كل جوانب حياته، وليس فقط في الجانب الروحي والعبادي، لافتاً إلى أن هذا الاقتداء هو السبيل الوحيد لإعادة إقامة القسط وتحقيق العزة والقوة، والخروج من حالة التخلف التي وصلت إليها الأمة بسبب ابتعادها عن نهج نبيها.