الخبر وما وراء الخبر

قراءة في خطاب السيد القائد: جرح غزة النازف وضمير الأمة الغائب

4

ذمــار نـيـوز || تقاريــر ||
21 أغسطس 2025مـ – 27 صفر 1447هـ

تقريــر || عبدالقوي السباعي

وجّه السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي –يحفظه الله– صرخةً مدوية في وجه أمة المليارين، فضح حالة الخزي والانكسار التي أصابت الأنظمة الرسمية، مقابل صلابة المقاومة وصبر الأطفال المحاصرين تحت مقصلة “جريمة القرن والعصر”، حرب الإبادة في غزة قصفًا وتجويعًا.

حين يقول السيد القائد، في خطابه، عصر الخميس، أن “ربع مليون طفل فلسطيني مهددون بالموت البطيء بسبب سوء التغذية”؛ فإنهُ يُسقط القناع عن حقيقة الصمت والتخاذل العربي والإسلامي أمام حرب التجويع والإبادة الجماعية والتي تُدار بأدوات أمريكية وصهيونية.

وفي قراءته لجوهر المشروع الصهيوني، يؤكد السيد القائد، أنها معركةٌ تدور في واقع الوعيّ والضمير العالمي، الذي بدأ يستفيق في الشارع الغربي، لكنه مات أو يُمات عمدًا في الأنظمة العربية والإسلامية؛ إذ كيف لكيانٍ لقيط يجاهر بالقتل والتجويع، وبإعادة إحياء “جدعون 2″، وكل مخططات إقامة (إسرائيل الكبرى)، وتهجير وإبادة شاملة، تحت أعين العالم…؟

وبهذا التوصيف أسقط السيد القائد الأقنعة العربية، إذ كانت السعودية ومصر أنموذجًا؛ فالسعودية: فضيحة السفينة في الميناء الإيطالي لم تكن “حملاً بالأجرة”؛ بل فضحًا لتواطؤٍ استراتيجي مع الصهاينة، والنظام السعودي، بثروته النفطية الهائلة، يموّل ويزوّد السلاح للعدوّ، ليصبح شريكًا مباشرًا في حرب الإبادة.

مصر “أمّ الدنيا” تعقد “صفقة الـ 35 مليار دولار مع الصهاينة” تحت عنوان الغاز ليست إلا بيعًا للقرار الوطني وتحويلاً لثروة الأمة إلى رصيد في بنك المشروع الصهيوني؛ فبدلاً من الاستثمار المحلي أو التعاون الإسلامي، يُضخ المال في شرايين العدوّ.

ويكشف السيد القائد خفايا نزع سلاح المقاومة، مؤكدًا أنها مؤامرة رسمية؛ فالدعوة إلى نزع سلاح حماس والمقاومة في لبنان ليست “مبادرات سلام”؛ بل أدوات لفرض الاستسلام، كونها أخطر مراحل التطبيع، حيث تتحول بعض الحكومات العربية إلى أذرع سياسية وعسكرية لحماية أمن العدوّ.

وفي الذكرى الـ 56 عامًا، على إحراق المسجد الأقصى المبارك، يشير إلى أنه وعلى مدى أكثر من نصف قرن من الوهم والوهن، والتي سوغتها قرارات ومؤتمرات الأنظمة العربية وجامعتهم والمؤتمر الإسلامي، واللجان العربية والإسلامية لتحرير القدس؛ والنتيجة: “بيانات خاوية بلا فعل”.

هذا الجمود، كما أوضح السيد القائد، ليس صدفة؛ بل كان “قرارًا سياسيًّا مقصودًا لإبقاء الأمة في حالة شلل؛ بينما العدوّ يتحرك بخطواتٍ عمليّةٍ مدروسة”، ومعه الأمريكي وأنظمة الغرب الكافر وكل من ركب معهم وأمن بمشروعهم الشيطاني.

اللافت أن المشروع الذي بات مكشوفًا للجميع، المتمثل في إعلان المجرم نتنياهو عن مشروع ما يسمى (إسرائيل الكبرى) لم يأتِ عبثًا أو شعارات فارغة جوفاء لا أساس لها؛ بل خطة واضحة لابتلاع المنطقة من “النيل إلى الفرات” مرورًا بنجد والحجاز.

السيد القائد قرأ في هذا الإعلان جوهر “المعتقد اليهودي الصهيوني”: إنهم “يرون إقامة دولتهم الكبرى وعدًا مقدسًا ونصًا إلهيًا”، يرتبط بمجيء “الملك المنتظر” للهيمنة على العالم، كعقيدةٍ استراتيجية تدفعهم للتوسع انطلاقًا من فلسطين لضم بقية الدول العربية بأسرها.

والرسالة الأخطر، أننا أمام مرحلة استعباد الأمة؛ فالمخطط الصهيوني –بحسب السيد القائد– ليس هدفه الأرض فقط؛ بل “استعباد الأمة” وإخضاعها لهيمنة مطلقة، والأنظمة العربية التي تصدر بيانات ورقية، أو تتواطأ مع الصهاينة، هي عمليًّا جزء من معسكر العدوّ، لا من الأمة.

ليأتي النداء الأخير للسيد القائد، لتثبيت المعادلة: “دعم فلسطين واجب ديني وأخلاقي، لا خيار سياسي؛ فالقدس قضية الأمة لا ورقة مساومة”، وأن الأقصى والمسرى مركز الهوية والوجود الإسلامي، مشدّدًا على أن “الشعوب وحدها القادرة على كسر معادلة الشلل الرسمي، إذا تحركت بوعي وإرادة”.

خطابٌ قرأ ما بين السطور لحقيقة المرحلة؛ فالأمة على مفترق طرق، إمَّا أن تستيقظ الشعوب لتملأ فراغ الخيانة الرسمية، أو أن تتحقق (إسرائيل الكبرى) على أنقاض مقدسات الأمة “القدس ومكة والمدينة”.

وفيما يتحرك العدوّ الصهيوني، بخططٍ مدروسة، وعقائد باطلة؛ تكتفي الأنظمة العربية والإسلامية ببيانات الشجب والإدانة؛ بينما السيد القائد يدق ناقوس الخطر: “القدس لن تكون ورقة تفاوض، وغزة لن تُترك وحيدة، ومشروع (إسرائيل الكبرى)، لن يَمّرُ”، مادامت الدماء تجري في عروق المؤمنين الأحرار.