مذبحة شارع الرشيد – غزة: الإبادة الجماعية في أكثر صورها “الإسرائيلية” وحشية
ذمــار نـيـوز || مـتـابعات ||
20 يوليو 2025مـ – 25 محرم 1447هـ
ما شهده شارع الرشيد شمال غربي قطاع غزة، اليوم الأحد، من استدراج لمنتظري المساعدات العُزل، ومن ثم إعدامهم بطريقة دموية فجة، بقدر ما يعكس حقيقة مدى همجية الكيان الإسرائيلي ووحشيته وإمعانه في مذابح جريمة الإبادة؛ هو يعكس، في الوقت ذاته، مدى تواطؤ العالم بأسره؛ وهو يلتزم الصمت واللجوء إلى الحديث (المسرحي) متى استلزم الأمر، إزاء تكرار هذه المجازر بشكل يومي على امتداد القطاع المحاصر.
هذا التواطؤ يجعل العالم والعالم الغربي تحديدًا، وفي مقدمته دول أوربا وأمريكا الشمالية؛ ولا يمكن – هنا- تجاوز الانظمة العربية والاسلامية، باعتبار الجميع إمام محكمة الضمير والتاريخ، شركاء فعليين في مجازر وجرائم العدو الإسرائيلي في فلسطين؛ وفي مقدمتها مجازره بحق المجوعين من منتظري المساعدات.
في جميع أنحاء العالم يُقاضى القاتل، أو على الأقل يبقى مهددًا بالتقاضي؛ إلا جيش العدو الإسرائيلي؛ الذي يمارس يوميًا القتل من أجل القتل، في سياق جريمة الإبادة الجماعية المستمرة في قطاع غزة؛ وهي جريمة تتكرر يوميًا، وكل يوم بفعل إجرامي أكثر وحشية، وذلك منذ أكثر من 21 شهرًا؛ على مرأى ومسمع من العالم كله؛ ومع ذلك لم يجرؤ العالم أن يقف احترامًا لتراثه الثقافي والفكري وتاريخه الإنساني الحضاري على حساب ما يضعه من اعتبار لميزان القوة.
وفي ذلك دلالة على أزمة غير مسبوقة تعصف بالضمير الإنساني؛ وهي أزمة كشفتها مجازر قطاع غزة بوضوح، بل إن هذه المجازر قد وضعت قيم الحضارة الإنسانية كلها على المحك؛ بل إنها تمثل اختبارًا لكل قيم الانسان؛ وعلى هذا المحك، وفي هذا الاختبار حتى الآن، يمكن القول : تعرت الإنسانية، وهي تقف عاجزة عن أن تقول لثنائي الإجرام في غزة (“إسرائيل” والولايات المتحدة): توقفوا!
استشهد اليوم الأحد، أكثر من سبعين من منتظري المساعدات المجوعين؛ وتم اعدامهم؛ بعد أن تم استدراجهم إلى (المصيدة) وهم رافعي أيديهم، وهناك وقع اصطيادهم بدم بارد بالرصاص الحي؛ وسقط العشرات قتلى ومصابين، في مذبحة تتكرر يوميًا في قطاع غزة؛ والمتهم المدان هنا، هم القائمون على ما تُعرف بمؤسسة غزة الإنسانية، التي تُديرها الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي، ويقف خلفها العالم بصمته وتواطؤه عن جرائم جيش الكيان.
المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، ومقره جنيف، اعتبر أن استدراج مدنيين مجوّعين، ثم إعدامهم، يكشف نمطًا وحشيًّا للإبادة الجماعية التي ترتكبها “إسرائيل”.
وقال المرصد، في بيان، إن جيش الاحتلال ارتكب إحدى أبشع المذابح ضد مدنيين مجوّعين بعدما أمرهم بالتقدّم ورفع أيديهم ثم فتح النار عليهم مباشرة.
وأضاف “وثّقنا فتح جيش الاحتلال النار على المدنيين لحظة اقترابهم من شاحنات المساعدات في جريمة قتل عمد لا يبررها أي اعتبار عسكري وتعكس مستوى غير مسبوق من الوحشية”.
وأعلن المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، اليوم الأحد، أن عدد ضحايا المساعدات من السكان المجوّعين ارتفع إلى 995 شهيداً و6,011 مصاباً و45 مفقوداً.
وقال في بيان، إن هؤلاء الضحايا استشهدوا وأصيبوا وفُقدوا برصاص قوات العدو الإسرائيلي خلال محاولتهم الحصول على الغذاء من “مصائد الموت” خلال انتظارهم لتسلم مساعدات وذلك منذ 27 مايو 2025م وحتى اليوم.
وفي هذا؛ اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، أن المجزرة التي ارتكبها جيش العدو الصهيوني الإرهابي بحق المدنيين المجوّعين في نقطة توزيع المساعدات قرب منطقة “زيكيم” شمال قطاع غزة، اليوم الأحد، إمعانٌ في جريمة الإبادة الوحشية.
وقالت “حماس” في بيان، إن جيش العدو الصهيوني يستخدم المساعدات والتجويع لاستدراج الأبرياء وقتلهم والتنكيل بهم.
وأضافت: “إن ما يجري في قطاع غزة هو جريمة كبرى يُستخدم فيها القتل والتجويع والتعطيش أداة للتطهير العرقي والإبادة الجماعية، ما يستدعي من العالم التحرك الفوري لوضع حد لهذه المأساة الإنسانية التي تُمعن حكومة العدو الصهيوني بقيادة مجرم الحرب نتنياهو في تعميقها”.
كما تساءلت: “كيف يصمت العالم عن وفاة أكثر من سبعين طفلاً بسبب سوء التغذية، وأغلب سكان قطاع غزة يتعرّضون للموت الجماعي، جرَّاء الحصار وسياسة التجويع المُعلَنة التي يفرضها العدو الصهيوني على القطاع منذ مائة وأربعين يوماً؟”.
إلى ذلك؛ أدانت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بأشد العبارات المجزرة البشعة التي ارتكبها العدو الإسرائيلي اليوم الأحد في قطاع غزة وراح ضحيتها العشرات بين قتيل وجريح ممن كانوا ينتظرون المساعدات الإنسانية في مناطق السودانية شمال غرب غزة، ومحيط ما يسمى “مراكز المساعدات الأميركية” جنوب خان يونس التي تحولت إلى “مصائد موت”.
وأكدت، أن المجزرة البشعة التي ارتكبها جيش العدو الإسرائيلي اليوم الأحد في قطاع غزة، وراح ضحيتها أكثر من 70 شهيدًا وعشرات الجرحى المدنيين العزل، الذين كانوا ينتظرون المساعدات الإنسانية، تأكيد على الطبيعة الإجرامية للعدو الصهيوني.
فيما أكدت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أن المجزرة الوحشية التي ارتكبها العدو الصهيوني بحق عشرات المواطنين الفلسطينيين شمال قطاع غزة، اليوم الأحد، تُمثّل نمطاً جديداً من أنماط استخدام الجوع كأداةٍ في عمليات الإبادة المتصاعدة ضد الشعب الفلسطيني في القطاع.
وأوضحت الجبهة، في بيان، أن المجزرة استهدفت عدداً كبيراً من المواطنين شمال غرب القطاع، الذين احتشدوا بحثاً عن الطعام، وفي انتظار وصول أي مساعدات، قبل أن يقوم العدو الصهيوني بإجبارهم على الدخول إلى إحدى نقاط تواجده العسكري مرفوعي الأيدي، ثم فتح النار عليهم، ما أدى إلى استشهاد وجرح العشرات، فيما لا يزال مصير الكثير منهم مجهولاً.
لجان المقاومة في فلسطين، دعت، اليوم الأحد، “إلى انتفاضة شعبية عالمية عارمة وتظاهرات ومسيرات تجتاح الشوارع ومراكز المدن في عواصم العالم أجمع لرفع الصوت عالياً في وجه النازية الصهيونية المتصاعدة بحق الشعب الفلسطيني الذي يباد ويسحق قصفاً وجوعاً”.
وقالت في تصريح صحفي، إن العدو الصهيوني المجرم يواصل ارتكابه المجازر والمذابح واستهداف أبناء الشعب الفلسطيني من منتظري المساعدات بشكل مقصود ومدروس، مما أدى إلى ارتقاء العشرات من الأبرياء والمجوعين، معتبرة ذلك “استمراراً لحرب الإبادة الشاملة على شعبنا الفلسطيني بكل مكوناته”.
وأضافت: لقد تحولت مؤسسة المساعدات الأمريكية إلى كمائن ومصائد وأفخاخ للقتل والذبح وهندسة سياسة التجويع التي وصلت إلى أعلى معدلاتها وباتت المجاعة تضرب كل أركان ومفاصل ومناحي قطاع غزة.
أيضًا؛ حمّلت حركة الأحرار الفلسطينية، اليوم الأحد، الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي “الغارق في سياسية التضليل”، كل ما يحدث من جرائم حرب وتجويع للشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
وقالت الحركة، في بيان، “من جديد يواصل العدو الصهيوني النازي استهداف المُجوعين من أبناء شعبنا المنتظرين للمساعدات الإنسانية بمنطقة زكيم شمال قطاع غزة، حيث ارتقى بهذه المجزرة والجريمة البشعة، اليوم، أكثر من ستين شهيداً، وعشرات الجرحى حتى اللحظة، وسط صمت دولي مريب إزاء جرائم العدو الصهيوني المتواصلة وجريمة الإبادة الجماعية والتجويع”.
كذلك، قالت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني “حشد” اليوم الأحد، إن سلطات العدو الإسرائيلي تستخدم المجاعة كسلاح في إطار “حرب الإبادة الشاملة” ضد سكان قطاع غزة، والتي دخلت عامها الثاني وسط أوضاع إنسانية كارثية.
وأكدَّ رئيس الهيئة، الدكتور صلاح عبد العاطي، في تصريح نقلته وكالة “شهاب”، إن الاحتلال يواصل تنفيذ سياسات ممنهجة تهدف إلى قتل المدنيين، وتدمير البنية التحتية، وإضعاف المؤسسات الفلسطينية، في محاولة لإضعاف المقاومة وتسهيل تنفيذ مخططاته الرامية إلى تهجير الفلسطينيين قسريًا من القطاع.
ويكفي التوقف أمام مستهل بيان للمتحدث باسم الدفاع المدني في قطاع غزة، محمود بصل، اليوم الأحد، إذ قال بكلمات نازفة وحروف تنز حزنًا وكمدًا وحسرة ، ولعلها تخزل بعضا من المأساة: أنا محمود بصل، مواطن فلسطيني، إنسان حرّ، منذ أيام أقتات على الفتات من الطعام، أسوة بأكثر من ملوني مواطن، ولعدم توفر الطعام الإساسي في قطاع غزة أعلن إضرابي الكامل عن الطعام ابتداءً من هذا اليوم الأحد 20 يوليو 2025، احتجاجًا على المجاعة الكارثية التي تضرب غزة، وتضامنًا مع أكثر من مليوني إنسان تُركوا ليواجهوا الموت جوعًا في صمت عالمي مخزٍ.
وأردف: إن ما يجري في غزة ليس مجرد أزمة، بل جريمة موثقة ترتكب بحق شعب بأكمله. يموت الأطفال فيها بسبب الجوع، وتُمنع المساعدات لأسباب سياسية واهية.
وأكمل مؤكدًا على “أن استخدام التجويع كسلاح حرب هو انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني، وخرق لكل المبادئ التي تدّعي الإنسانية التمسك بها”.