الخبر وما وراء الخبر

مجزرة كافتيريا الباقة بغزة.. البحر يوثق جريمة جديدة

2

ذمــار نـيـوز || مـتـابعات ||
2 يوليو 2025مـ – 7 محرم 1447هـ

كافتيريا الباقة تقع على شاطئ غزة الضيق، حيث يختلط صوت أزيز الرصاص وهدير البحر مع صوت الحياة اليومية المرهقة.

جزء من المكان مكشوف، تلجأ إليه الكثير من العائلات الفلسطينية لتتنفس البحر والركام، كما يرتاده المصورون لإقامة المعارض أو التقاط الصور، ويأتي الصحفيون للعمل عن بُعد والحصول على الإنترنت.. هنا يجتمع النازحون وهم ينظرون إلى البحر وكأنه ملاذهم الأخير ومرقد أحلامهم الهاربة.

“ما بين السماء والبحر” كان اسم المعرض الذي أقامته سلمى (30 عامًا) في ركن من أركان الاستراحة، وفي صوره كانت الأمهات حاضرات في محاولة لإلهاء أطفالهن عن طلب الخبز بعد فشلهن في تأمين لقمة تسد رمق أطفالهن في ظل المجاعة.

في صورة أخرى كان الأطفال يلعبون فوق ركام المنازل، وصور متنوعة وثقت وجوه الناس المتعبة وهم ينتقلون من مكان لآخر بحثًا عن مكان آمن.

حاولت سلمى نقل الصورة إلى العالم من خلال معرض “ما بين السماء والبحر”، كما أرادت بهذا الاسم أن توصل رسالة: “في غزة.. تحول الشاطئ من فسحة أمل إلى سجن كبير مفتوح على السماء”.

في لحظة هدوء تملؤها أصوات الزوارق والمسيرات الحربية وصوت أزيز الصواريخ الذي لم يتوقف، زلزل صوت الصواريخ “استراحة الباقة” في استهداف همجي بغارة صهيونية مدمّرة أسفرت عن مجزرة وارتقاء أكثر من أربعين شخصًا بينهم أطفال وإصابة العشرات.

تحول المشهد بعد الغارة القاتلة إلى مسرح موت، رائحة الدم والدخان تملأن الأجواء، وأجساد الضحايا مغطاة بأقمشة الدماء، وغبار ورماد ملأ كل التفاصيل المبهجة التي يعكسها البحر على الاستراحة.

صيحات الاستغاثة اختلطت بأصوات سيارات الإسعاف التي لم تكن تكفي لنقل الجرحى. المجزرة عبرت البحار وهزمت الحدود وروت الحقيقة في القطاع.

أما سلمى التي كانت تعمل على نقل الصورة إلى العالم، فقد أصبحت جزءًا منها حين ارتقت شهيدة في تلك المجزرة، وقتلت أحلامها في أن تكون صوت غزة.

تحول المقهى إلى شاهد آخر على جرائم الإبادة الجماعية لسكان القطاع على يد العدو الصهيوني، وإلى جرح جديد دامٍ سيبقى معلقًا على جدار الذاكرة الفلسطينية والضمائر الحية في هذا العالم.

يؤكد مدير مجمع الشفاء الطبي أن جثامين الشهداء وصلت المستشفى أشلاءً ممزقةً نتيجة الغارة العنيفة، فيما امتلأت أروقة المستشفى وأقسامه بالمصابين. وأوضح أنه تم استقبال أكثر من 40 شهيدًا وأكثر من 100 مصاب خلال ساعة واحدة فقط، أغلبهم بحالات حرجة، ما قد يرفع من حصيلة الشهداء في الساعات القادمة.

وأضاف أن الوضع الصحي خارج عن السيطرة تمامًا، ونضطر للمفاضلة بين الجرحى بحسب حالاتهم، مشيرًا إلى أن كل المستلزمات الطبية نفدت والوقود على وشك النفاد الليلة.