مأساة غزة تصل إلى الذروة.. جرائم فوق الوصف ومجاعة لا تطاق
ذمــار نـيـوز || متابعات ||
25 مايو 2025مـ 27 ذي القعدة 1446هـ
تقرير| محمد الكامل
أخرى من ليالي العدوان المرعبة، فأصوات القصف والصواريخ التي تتهاوى على ما تبقى من بيوت غزة لا تنقطع، ودوي الانفجارات التي تتطاير معها جدران البيوت وساكنيها، لتتكرر مشاهد القتل والإجرام الصهيوني ذاتها منذ الـ 7 من أكتوبر 2023.
وكشفت حصيلة المجازر الصهيونية في قطاع غزة اليوم الأحد، عن بشاعة العدوّ التي لا تحتمل، حيثُ ارتقى أكثر من 15 شهيدًا فلسطينيًّا وأصيب العشرات خلال ساعات محدودة؛ جراء غارت عنيفة لطيران الكيان الصهيوني استهدفت مختلف أنحاء القطاع، وفق ما نقلت مراسلة “المسيرة” بغزة، دعاء روقة.
نفّذ العدوّ الإسرائيلي- كذلك- عمليات نسف لمبان سكنية في بلدة القرارة شمال شرقي خان يونس جنوب قطاع غزة، وفي الشمال استقبلت طبيبة فلسطينية أشلاء أطفالها التسعة بينما كانت تؤدي عملها في قسم الأطفال بمجمع ناصر الطبي، ولم تكن على علم بما جرى.
ففي واحدة من أكثر القصص إيلاماً منذ بدء العدوان الصهيوني على قطاع غزة، روت سحر النجار، صيدلانية من خان يونس، تفاصيل اللحظات الأولى بعد الغارة التي أودت بحياة تسعة من أبناء شقيقتها، الطبيبة آلاء النجار، والتي استُهدف منزلها في منطقة قيزان النجار جنوبي محافظة خان يونس.
وتتحدث سحر بحرقة وألم: “أقول لأختي من هول الصدمة.. الأولاد راحوا يا آلاء. فتجيبني بإيمان وتسليم: هم أحياء عند ربهم يرزقون”، مضيفة: “أمهم حالياً في حالة صدمة، ولا أخشى عليها سوى من لحظة الانهيار التي ستلحق بلحظات الصمود التي تمر بها الآن”.
الثمن الذي يقدمه الغزاويون اليوم مهول، يأخذك نحو الجنون إذا ما تمعنت فيما يجري.. سترى أبشع وأفظع ما يمكن للخيال أن يذهب إليه، وهو يجري على تلك البقعة الصغيرة (364 كيلو مترًا مربعًا)، التي يسكنها مليونان وربع مليون إنسان.
يصحو الأطفال في غزة كلّ صباح على صوت صافرة عربة الماء التي يلحقها أصوات أكبر هي صوت الأطفال وصراخهم: “مياا ميّاا. اجت الميّا”.. سرعان ما تخرج العائلات والجميع من منازلهم مشكلين طوابير طويلة أمام عربة الماء التي لا تكفي العدد الهائل المتكدس حولها، ما يزيد من احتمالية عودة الكثير من الآباء إلى عائلته بدون ماء ولن يشرب أطفاله اليوم، لا سيَّما أنه خلال عام ونصف دمر الاحتلال الإسرائيلي، حوالي 85 % من إجمالي آبار المياه المركزية التابعة لبلدية غزّة، وأكثر من 100 ألف متر من شبكات المياه. وفق مؤسسة المياه في غزة.
العديد من المناطق في مدينة غزة وفي كلّ القطاع، بلا ماء، ولا غذاء، ولا دواء، مع إصرار العدوّ الإسرائيلي على إغلاق المعابر والحدود، بينما تنتظر أطنان المساعدات الغذائية والحيوية والطبية خارجها، تحت الشمس الحارقة، دون طريقة للنفاذ إلى القطاع.
وتضيف المراسلة دعاء روقة أن المخابز أغلقت، والمستشفيات توقفت عن العمل، وأن أطفال غزة يموتون جوعًا كما يموتون قصفًا؛ في ظل المماطلة الصهيونية لإدخال المساعدات، مؤكدة أن تم دخول 90 شاحنة فقط إلى الجنوب في حين لم يصل حتى قطعت خبز أو ليتر ماء واحد إلى الشمال.
الواقع الذي تركه العدوّ الإسرائيلي في غزة، خلق مشهداً يوميًّا كارثيًّا، فجأةً بدأ سعر الطحين بالارتفاع التدريجي، وصولاً لسعرٍ خُرافي لا يمكن استيعابه.
كان السعر بدايةً يبلُغ 30 شيكلاً، ارتفع السعر تدريجياً حتى وصل اليوم إلى أكثر من 800 شيكل. ما يُعادل 250 دولاراً.
أما الطبق البيض ” 30 حبة بيض” فكان سعره حوالي 10 شيكل ليقفز سعر البيضة الواحدة فقط 22 شيكلاً، في حين قفز سعر العربة الماء من 50 شيكلاً إلى 900 شيكل بزيادة أكثر من 19 ضعفاً قبل العدوان على غزة منذ الـ 7 أكتوبر 2023.
عالم منافق وكاذب:
ويسعى العدوّ الصهيوني إلى إذلال الفلسطينيين وامتهانهم عبر مسرحية إدخال المساعدات وفق خطة وآلية توزيع أمريكية صهيونية رفضتها كل المؤسسات والمنظمات الدولية الحقوقية وفي المقدمة برنامج الأغذية العالمي، ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين “الأونروا”.
ويؤكد المحلل السياسي عدنان الصباح، أن الموضوع ليس حكاية خبز وماء ومساعدات، فالحكاية هي امتهان وإذلال الشعب الفلسطيني وقتله بالجرائم والمجازر اليومية قبل الحصار الخانق، موضحاً أن ما يسعى له العدوّ الإسرائيلي هي الإبادة الجماعية عبر القتل بالحصار الخانق لشعب بأكمله.
ويشير خلال تصريح خاص لقناة “المسيرة” إلى أن العدوّ استطاع أن يجعل الجميع يركز على إدخال المساعدات وكأنها المشكلة الأكبر والأساسية في غزة، في حين أن المشكلة هي العدوان الصهيوني وجرائم الإبادة الجماعية التي لا تتوقف.
ويشدد على ضرورة التركيز على إيقاف العدوان الصهيوني على غزة، وبعد ذلك بقية المشاكل أو الآثار الناتجة عنه ستنتهي، واصفاً العالم وانشغاله بدخول الغذاء إلى غزة، وآلة القتل الصهيوني مستمرة منذ 20 شهرًا بالعالم الكاذب والمنافق المخادع.
ويتساءل: ما الذي يجري في هذا العالم المجنون؟ شعب يقتل ويحاصر وترتكب فيه أبشع مجازر يومية ويقتل العدوّ أكثر من 100 شهيد، والعالم منشغل بـ متى سيدخل الغذاء؟ وكيف سيدخل؟ ومن سيوزع الغذاء؟ ومن سيستلمه أيضاً؟
ويهاجم كلّ المنظمات الدولية والإغاثية والقوانين والتشريعات الإنسانية التي سقطت في غزة، التي تتفرج على الفلسطينيين وهم يقتلون يوميًّا وهو يتحدث عن طعامهم وإدخال مساعدات وغذاء لهم، واصفًا هذا العمل بالعمل الإجرامي الأكثر وحشية حتى من وحشية العدو الإسرائيلي وجرائمه على مدى أكثر من عام ونصف العام.