الخبر وما وراء الخبر

“فورين بوليسي”: حرب ترامب على اليمن لا تؤدي إلى أية نتيجة

3

ذمــار نـيـوز || مـتـابعات ||
23 أبريل 2025مـ – 25 شوال 1446هـ

العدوان الأمريكي على اليمن يقوِّضُ الفائدةَ القصوى للقوة البحرية الأمريكية، والحربُ التجارية هي التي قلّلت من الحاجة الملِحَّة لإعادة فتح البحر الأحمر وقناة السويس أمامَ الشحن التجاري.

في مقالٍ لـ “كيث جونسون” بمجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، قَدَّمَ الكاتب تحليليًّا ناقش فيه فشلَ حملة ترامب العسكرية على اليمن، وانتقد جونسون سياسةَ ترامب العسكرية في المنطقة، متسائلًا عن جدوى هذه العملية وأهميتها، وكيف ستنعكسُ في المستقبل سلبًا على البحرية الأمريكية.

وفيما يلي نص المقال مترجَمًا للعربية بتصرُّف:

خلال الأسابيع الخمسة الماضية، وَمنذ أن صعّدت إدارةُ ترامب هجماتِها على اليمن، برزت بعضُ المشكلات الكبيرة، التي تؤكّـد مدى صعوبة تحويل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطابه القوي إلى نتائجَ واقعية.

لقد فشلت العملية -التي تم نقاشها على نحوٍ علني في محادثة عبر تطبيق “سيجنال” تضمّنت صحافيًّا عن طريق الخطأ- حتى الآن في تحقيق أيٍّ من هدفَيها المعلَنَين: استعادة حرية الملاحة في البحر الأحمر، وإعادة إرساء الردع.

ما يزال الشحن عبر البحر الأحمر، وقناة السويس المجاورة يعاني من الكساد كعادته على الرغم من العدوان الأمريكي الذي تجاوزت تكلفته مليار دولار على اليمنيين، وما يزال اليمنيون متحدِّينَ كعادتهم، من أن ترامب وقع في “مستنقع” وكثّـفوا هجماتهم على كيان العدوّ، والسفن الحربية الأمريكية في المنطقة.

كما كان هناك نقصٌ صارخٌ في الشفافية بشأن العملية، وهي أكبرُ ممارسة للقوة العسكرية الأمريكية في ولاية ترامب الثانية، حَيثُ لا تُعطِي وزارة الحرب إحاطةً إعلاميةً حول الحرب الدائرة، وتكتفي القيادة المركَزية الأمريكية، المشرفة على العمليات في المنطقة، بنشر مقاطع فيديو مُبهِرة لعمليات طائراتها على مِنصات التواصل الاجتماعي.

والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أنّ وتيرة العمليات الأمريكية، بما في ذلك الضربات الجوية المُستمرّة التي تُنفّذها مجموعتان كاملتان من حاملات الطائرات الأمريكية، تستنزف ذخائر دقيقة محدودة، يرى العديد من خبراء الدفاع أنها ستكون الأنسب لأي صراع مُستقبلي ضد الصين.

ويكتسب هذا أهميّة خَاصَّةً؛ نظرًا لمحدودية مخزون الصواريخ المُطلقة جَوًّا من بُعد، والتي ستكون حاسمةً في أي صراع حول تايوان.

الأولوية.. أين؟

قال أليسيو باتالانو، الخبير البحري في كلية “كينجز كوليدج لندن”: “إذا كان الأمر يتعلق بحرية الملاحة؛ فهو غير مُجْــدٍ”. وأضاف: “كيف يُمكِنُ دعمُ فكرة أنّ منطقة المحيطَين الهندي والهادئ هي الأولوية، ومع ذلك تُسحَبُ عناصرُ بالغةُ الأهميّة في معركة المحيطَين الهندي والهادئ لعمليات في الشرق الأوسط؟”.

تراجع قلق الشحن:

الخبر السارّ، على ما هو عليه، هو أنّ الحاجة لإعادة فتحِ ملاحة العدوّ الإسرائيلي في البحر الأحمر أصبحت أقلَّ إلحاحًا الآن من أي وقت مضى منذ أن أغلقها اليمنيون في نوفمبر 2023 بموجة من الهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة على السفن التجارية؛ دعمًا للفلسطينيين الذين يتعرّضون لعدوانٍ إسرائيلي، فقد أَدَّت حرب ترامب التجارية إلى تدهور كبير في توقّعات الشحن العالمي، لدرجة أنّ أسعار سفن الحاويات آخذةٌ في الانخفاض، ولا يوجد ما يدعو شركاتِ الشحن للقلق بشأن إعادة توجيه بضائعها إلى قاع إفريقيا.

عندما اختار اليمنيون في البداية استغلال موقعهم الاستراتيجي على شواطئ أحد أهم المعابر البحرية في العالم، مضيق باب المندب، للضغط على كيان العدوّ الإسرائيلي، والغرب، استجاب الغرب، وأرسلت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة قوات بحرية لضرب اليمنيين، بينما أرسل الاتّحاد الأُورُوبي قوة بحرية خَاصَّة به للمساعدة في توجيه السفن التجارية في منطقة أصبحت محظورة.

وعلى الرغم من اختلاف أهداف المهمَّتَين الأمريكية والبريطانية عن الأُورُوبية اختلافًا طفيفًا، فقد سعت الدولتان إلى “إضعاف” قدرات اليمنيين على البرّ لاعتراض حركة الملاحة التجارية، بينما اقتربت العملية الأُورُوبية من عملية حرية الملاحة التقليدية، إلّا أن كلتا المهمَّتَين لم تُجدِيا نفعًا يُذكَر، وظلت أسعارُ التأمين مرتفعةً للغاية، وانخفضت حركةُ المرور عبرَ قناة السويس.

المهمة العقيمة وهدرُ المال:

جاءت إدارة ترامب الجديدة، عازمةً على تحقيق النصر، حَيثُ فشلت إدارة بايدن المنتهية ولايتها.

في عهد توماس جيفرسون [أحد المؤّسِّسين للولايات المتحدة، والكاتب الرئيسي لإعلان الاستقلال (1776) وثالث رئيس لأمريكا (1801–1809)]، ناضلت الولايات المتحدة؛ مِن أجلِ حرية الملاحة، وأحيانًا في مياه ليست بعيدة عن الصراع الحالي. ما يصعُبُ فهمُه الآن هو سبب إنفاقِها المالَ في محاولةٍ عقيمة لفتح ممرٍّ بحري في حين أنّ هناك تحدياتٍ أُخرى أكثرَ إلحاحًا، والأسوأُ من ذلك، أنّ سوءَ استخدام القوة البحرية يؤدي إلى نتائجَ عكسية.

قال باتالانو: “ما أجده أكثرَ إثارة للقلق هو أنهم يقوِّضون الفائدةَ القصوى للقوة البحرية”.

في المستقبل، عندما يقول الناس: “لماذا نحتاج إلى بحرية؟ لم نفعل شيئًا ضدّ اليمنيين”، سيكونون على حقّ.