الخبر وما وراء الخبر

عمليات أنصار الله في العمق السعودي والرسائل الاستراتيجية للرياض وواشنطن

32

منذ يومين تحدث المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى السريع في مؤتمر صحفي عن تفاصيل العملية الواسعة النطاق التي جرت مساء السبت في السعودية.

وقال إن العملية التي أطلق عليها اسم “توازن الردع الخامسة” نفذت باستخدام طائرات دون طيار وصواريخ باليستية.

ووفقا ليحيى السريع، استهدفت هذه العملية مواقع وأماكن حساسة في الرياض بصاروخ باليستي من نوع “ذو الفقار” و 9 طائرات دون طيار من طراز “صماد 3”. كما استهدفت 6 طائرات دون طيار من طراز قاصف K2 مواقع عسكرية في منطقتي أبها وخميس مشيط وأصابت الهدف بدقة.

إن تغطية هذا الخبر في وسائل الإعلام السعودية وبعض الدول التابعة للسعودية في منطقة الخليج الفارسي، وكذلك في وسائل الإعلام الغربية، كانت مترافقة بالتنديد لاجراء انصار الله. كما ندد المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس، الذي تدعم بلاده التحالف السعودي بغزو اليمن، هجمات القوات اليمنية على الأراضي السعودية، دون أن يذكر هجمات التحالف الوحشية على المدنيين في اليمن.

كما زعم أن الهجمات اليمنية تشكل تهديدا للمدنيين وتعرقل عملية السلام في اليمن. وكان نيد برايس قد قال في وقت سابق إنه إذا اعتقد “الحوثيون” أن شطبهم من قائمة الإرهاب سيقلل من الضغط عليهم، فسيكونون مخطئين.

لماذا قام أنصار الله بهذا العمل ضد السعودية وسط مزاعم أمريكية بإنهاء الحرب

يجدر التفكير في سبب تكثيف هجمات أنصار الله على المواقع السعودية وسط مزاعم أمريكية بإنهاء الحرب في اليمن.

أكد محمد علي الحوثي عضو المجلس السياسي الأعلى اليمني، بعد إعلان الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن تعليق مبيعات الأسلحة للسعودية والإمارات، ودعا إلى إنهاء الأزمة اليمنية بحل سياسي. قائلا: نحن نعلم ان ما صدر عن بايدن هو مجرد كلام وننتظر انهاء الحرب والحصار. وسوف نتفاوض لمصلحة اليمن ولن نقبل الغطرسة أو الذل.

وأشار الحوثي إلى موضوع التعويضات في الحرب وقال إننا نريد تعويضات من الدول المعتدية مثل التعويضات التي حصلت عليها الكويت من العراق. ومن حق الشعب اليمني الدفاع عن نفسه، نحن نصنع أسلحة ولدينا طائرات مسيرة وخبرة كبيرة.

وشدد على أن المبعوث الأمريكي والرئيس ليس لديهما خطة سلام، وطالب بسلام حقيقي وعادل، قائلا إنه بخلاف ذلك إن شاء الله، ستستمر الحرب حتى النصر.

كما شدد وزير الخارجية اليمني هشام شرف على أن هجمات أنصار الإسلام على السعودية ستتوقف فقط عندما يوقف التحالف بقيادة الرياض هجماته على اليمن، وأنه يجب وقف أي هجمات وحصار اقتصادي قبل إجراء أي مفاوضات سياسية. ويجب رفع الحصار عن المطارات والموانئ.

وقال “أرسل رسالتي اليوم إلى الإدارة الامريكية الجديدة والسعوديين: عندما تتوقف هجماتكم في المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة الإنقاذ الوطني، ستتوقف هجماتنا عليكم بطريقة بسيطة للغاية”.

وقال المتحدث باسم حركة أنصار الله اليمنية، محمد عبد السلام مؤخرا، إن موقف الإدارة الأمريكية الجديدة من اليمن لم يتغير عمليا وظل ثابتا، ولم نشهد أي تقدم عملي حتى الآن. الحصار على اليمن بمعدات امريكية ونحن لا ننخدع بالكلام المنمق والجمل الجميلة.

رسائل هجوم أنصار الله

بينما يزعم الأمريكيون أنهم دعوا إلى إنهاء الحرب اليمنية وأعلنوا ذلك للسعوديين، يستمر قصف وهجوم العدوان العربي الذي تقوده السعودية على مواقع المدنيين اليمنيين، حيث يرى يحيى السريع في هذه الهجمات الأخيرة ضد الرياض رسالة واضحة لهم. مضيفا ان قوات أنصار الله ليست فقط قادرة على الرد بل هي في حالة ردع كامل، وإذا لم يتم وقف الحصار والعدوان، فسيكون لدى اليمنيين حافز أكبر لمقاومة العدو الذي بدأ منذ آذار 2015.

كما بعثت العملية برسالة إلى الإدارة الأمريكية الجديدة مفادها بأن اليمنيين لن يتأثروا بالمؤامرات والسيناريوهات الغربية لوقف تقدمهم العسكري، وأن المقاومة اليمنية ستستمر حتى تتحقق مزاعم واشنطن بإنهاء الحرب اليمنية.

حاول التحالف السعودي تخفيف بعض الضغط الشديد للعملية من خلال تفعيل شبكة العربية الخادعة وادعاء اعتراض صاروخ الجيش اليمني الباليستي في سماء الرياض، لكن هذا الخبر الكاذب لم ينجح في الضغط النفسي لذلك الهجوم واظهار عدم كفاءة أنظمة الدفاع الأمريكية المتمثلة في القبة الحديدية وقبل دقائق من تحرك وسائل الإعلام السعودية، انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي صور عدة انفجارات في العاصمة السعودية. وبعد هذا الهجوم المشترك لليمنيين، إضافة إلى وقف جميع الرحلات الجوية فوق السعودية، تم أيضا إيقاف عمل المطارات في الرياض وجدة ونجران وجيزان.

تغيير ميزان القوى لمصلحة اليمن واستمرار قتل السعوديين للاطفال

إضافة إلى ذلك، فقد حدثت هجمات أنصار الله على الرياض، حيث وصل الجيش اليمني واللجان الشعبية إلى مسافة 5 كيلومترات من مارب، وتحاول السعودية استخدام وسائل مختلفة، بما في ذلك نقل العناصر المتطرفة من أجزاء أخرى من اليمن إلى مارب، فضلا عن استخدام عناصر الجماعات الإرهابية لداعش لمنع انتصار قوات حكومة الإنقاذ الوطني في مارب. كان الهجوم الصاروخي على الرياض بمثابة تحذير لآل سعود للقلق على أمن بلادها وإنهاء احتلال اليمن. في الواقع، كان الهجوم الصاروخي على الرياض خطوة إلى الأمام للجيش اليمني واللجان الشعبية في مارب.

تأتى ادعاءات امريكا بإنهاء الأزمة اليمنية فيما يواصل تحالف العدوان السعودي جرائمه بحق الأبرياء والعزل في اليمن. وفي أحدث جرائمهم قصف السعوديون محور الحديدة الجنوبي، واستهدف مقاتلون تابعون لتحالف العدوان السعودي أمس بلدة الربصة جنوب الحديدة بأعنف الضربات الجوية. حيث استشهد خمسة مدنيين يمنيين في هذه الهجمات. وكانت أنصار الله قد دعت المدنيين السعوديين إلى الابتعاد عن المواقع الحساسة قبل مهاجمة المواقع العسكرية السعودية.

وقال محمد البخيتي، عضو المكتب السياسي لحركة أنصار الله اليمنية، إن “شرط وقف العملية الصاروخية هو وقف العدوان ورفع الحصار عن اليمن، وعندها تكون صنعاء جاهزة للحوار والحل السياسي للأزمة”.

ووصف البخيتي حصار اليمن بأنه أخطر من الحرب العسكرية، مضيفا إن الإدارة الأمريكية الجديدة، بينما لم تطالب بعد بإنهاء الحصار، دعت صنعاء إلى عدم مواصلة القتال، في حين أن استهداف القواعد العسكرية السعودية هو حق اليمن المشروع.

يبدو أن حكومة بايدن قد فهمت التحول في ميزان القوى في اليمن لمصلحة الجيش واللجان الشعبية. لذلك فهي تحاول إخراج السعودية من المستنقع اليمني، ومن ناحية أخرى، تحاول تحسين صورة واشنطن من حيث الأعراف وحقوق الإنسان. إلا أن حكومة بايدن تسعى إلى منع حكومة الإنقاذ الوطني من التفوق على المعارضة والمنافسين داخل اليمن من خلال منع سقوط مارب والسيطرة عليها من قبل أنصار الله.

ورغم هذه السياسة، يبدو أن اليمن يشهد تطورات أكثر أهمية في الشهر الأخير من العام السادس للحرب، ما سيزيد من ثقل حكومة الإنقاذ الوطني وموقعها، وعلى السعودية أن تهتم أكثر بأمنها الداخلي.

*الوقت التحليلي.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com