الخبر وما وراء الخبر

إيران والصهاينة .. من المنتصر؟

24

ذمار نيوز || مقالات ||
[28 نوفمبر 2020مـ -13 ربيع ثاني 1442هـ ]

بقلم / فاضل الشرقي
تعامل إيران مع جريمة اغتيال العالم النووي فخري زاده على أنها عمل إرهابي خطأ سياسي فادح يخدم الأمريكان والصهاينة، ويبرئهم ويشجعهم فقط لا غير، ويضعف الموقف الشعبي والرسمي، لأن الأمريكيين هم من ابتكروا مصطلح الإرهاب الحديث لينفذوا من خلاله كل أعمالهم الإجرامية، وليتحركوا من خلاله في كل بقاع الدنيا لتنفيذ أهدافهم الشريرة تحت مصطلح الحرب على الإرهاب، إيران اليوم في زاوية ضيقة، وفي مرمى الإستهداف الصهيوني الأمريكي التكفيري سياسياً واقتصادياً وأمنياً وثقافياً، وبقاؤها أسيرةً للمصطلحات الغربية، والمتغيرات الإقليمية والدولية يضعفها يوما بعد آخر.

تعامل المسؤلين الإيرانيين العسكريين والسياسين مع الحدث الإجرامي كعمل إرهابي خطأ استراتيجي يجب أن تغادره الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وتصريحات كبار مسؤليها بأن الحادث الإجرامي عمل إرهابي يشير بأصابع الإتهام للصهاينة لؤم وغباء وحماقة سياسية، وموقف يدل على الضعف والخوف والقلق والهزيمة، فالجريمة ليست مشتبهة، ولا مجهولة، ولا لها بصمات ولا طبعات، بل هي جريمة استخباراتية أمريكية إسرائلية وقد تكون السعودية ضلعاً ثالثاً فيها، وهذه هى أولى ثمرات ونتائج الإجتماع الثلاثي الأمريكي الصهيوني السعودي الأسبوع الماضي بمدينة نيوم السعودية، ويجب توجيه الإتهام المباشر الصريح والواضح للأمريكان والصهاينة، ولو حتى في عمود كهرباء يسقط، أو إشارة مرور تنطفئ.

إيران في حالة حرب مفتوحة مع الأمريكان والصهاينة، فالحصار والعقوبات حرب وأم الحرب، والإغتيالات حرب، والعزلة السياسية حرب، والتحريض الإيديولوجي والإستهداف الممنهج العقائدي والفكري والثقافي حرب وأم الحرب أيضاً، وهذا يتطلب مراجعة حثيثة وتقييم دقيقق للأداء السياسي للجمهورية الإسلامية الإيرانية التي باتت تعتمد على الدبلوماسية – فقط – التي لم تستطع توفير الحماية والأمان لقطيع من الحيوانات على أراضيها، ناهيك عن شعب بأكمله، وناهيك عن كبار قادته وعلمائه، وإلى متى ستظل إيران تختبئ خلف الدبلوماسية، واللهث وراء الحوار والمفاوضات.

إيران تدفع ثمناً باهظاً لمواقفها الإسلامية المشرفة، ولكنها تدفع ثمناً أكبر لتعاملها السياسي الدبلوماسي مع التهديدات والعقوبات والمخاطر الذي لم يجد نفعاً، إيران تُقتل وتُهان يومياً في سوريا والعراق وصولاً إلى عقر دارها، وحبال الموت تحيط بعنقها وتشتد يوماً بعد آخر، إيران ستُضرب عسكريا بالحديد والنار، وستُقاتَل وتُحُارَب إلى عقر دارها شاءت أم أبت، والمسألة مسألة وقت فقط، وهناك فرقٌ بين أن تكون قوياً وأن تكون ضعيفاً، والهدف هو الوصل بها إلى أدنى درجات الضعف والعجز من خلال العقوبات والإغتيالات، إيران تضعف يوماً بعد آخر، وأصبحت عاجزة حتى عن بيع وتصدير نفطها، واستعادة واسترجاع أموالها، وتأمين صادراتها ومنتجاتها، وحماية قادتها وعلمائها، والهروب إلى الأمام أو الخلف لن يجدي شيئا، والخوف من الحرب سيقود إلى الحرب حتماً، والشجاعة والقناعة بخيار الجهاد والحرب سيحمي إيران قيادةً وشعباً، ويحمي كل مصالحها حتى بدون حرب ربما ونحن على يقين من ذلك.

التعامل البارد مع اغتيال سليماني والرد الهزيل والضعيف، ومع هذه الإغتيالات وما سبقها وما سيأتي بعدها، والتعامل مع الهجمات السيبرانية، والضربات الصهيونية التي تستهدفها شبه يومياً في سوريا، والتعامل مع العقوبات الإقتصادية الغير مسبوقة في الدنيا منذ خلقها الله، وإدارة الظهر لها، كل ذلك سيؤدي في الأخير إلى انهيار النظام الإسلامي ودفنه في الرمال.

في مطلع العام ٢٠٠٤م كان السيد حسين منزعجاً من سياسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية وانهماكها في المفاوضات والدبلوماسية، وتعاطيها المتداول مع مصطلح الإرهاب، قال لي ولمجموعة من الحاضرين ما الذي جرأ الصهاينة – حتى صغار ضباطهم- على إطلاق التهديدات المتكررة ضد إيران التي لم يكن يجرؤ أكبر مسؤول أمريكي أو غربي على التفوه بها أيام الإمام الخميني رحمه الله، وإيران اليوم أقوى من إيران الخميني عسكرياً واقتصادياً، وأمريكا اليوم أضعف منها أيام الخميني، هكذا قال لنا، إنه الضعف النفسي والمعنوي الذي يترك أثره على كل شيء، والعدو لا ينظر لقوتك المادية وإنما النفسية والمعنوية، إنها درجة التحضّر والتمدّن التي جعلتهم يخافون الحرب، إنه الإعتماد على الدبلوماسية المفرطة، والمفاوضات الفارغة، والثقة بالوعود الأوروبية، والرهان على المتغيرات الإقليمية والدولية، على حساب الثقة المطلقة بالله، والإعتماد عليه، إنه التفريط في أهداف الثورة الإسلامية التي حددها المؤسس الخميني في الأرض كلها، فكيف بنا الآن الذي يتطاول فيه أحقر وأصغر مسؤول خليجي.

وحدهم الصهاينة والأمريكان من يتحمل مسؤلية كل هذه الجرائم – التي لم تعد خافية على أحد ويقف خلفها، ويجب أن يسمعوا ذلك بالصوت العالي من القيادة والمسؤولين والشعب الإيراني بكل وضوح،  قولاً وعملاً بدون أي دبلوماسية، وأن يتعاظم الدعم المتكامل لكل المؤمنين المجاهدين الحقيقين في الأرض، وأن تُشكّل حركات جهادية جديدة وتدعم وتدرب مهمتها ضرب واستهداف الأمريكان والصهاينة في كل مكان، وأن تُفتح جبهات عسكرية وأمنية ساخنة بكل شجاعة وحكمة وبصيرة على القوات والقواعد الأمريكية في المنطقة براً وبحراً، وأن تفتح جبهات النار والجحيم على الصهاينة في فلسطين وسوريا ولبنان، ووحده الجهاد الذي قال الله عنه “هو خير لكم” -حتى لو كنتم تكرهون- من سيرغم الصهاينة والأمريكان وكل الأعداء على الكف عن بغيهم وعدوانهم، ويجبرهم على الخضوع والإستسلام، فالمغازلة السياسية لهذا الطرف أو ذاك، والتعويل على الدبلوماسية والمفاوضات لم يعد مقنعاً ولا مجدياً، والله الناصر والمعين.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com