الخبر وما وراء الخبر

في رحاب الشهيد القائد. الحلقة ال(١٣).

39

ذمار نيوز || مقالات ||
[ 3 ابريل 2020مـ -10 شعبان 1441هـ ]

بقلم الاستاذ / فاضل الشرقي.

إذا لم يكن السيد يفرض نفسه وعمله على أحد، كان مؤثرا جدا كما سبق، وكان الناس ينطلقون بكل قناعة ورغبة، وواجهوا كل الضغوط والصعاب بصلابة وشدة تدل على القناعة والوعي والإيمان، في تلك الفترة كان الشعار يشق طريقه بنجاح، ويعبر حقول الألغام المفخخة، ويتقدم إلى الأمام متجاوزا كل الضغوط والعراقيل، كان الشعار والمكبرون كل يوم يكسبون ويحرزون تقدما، وكانت السلطة ومن معها كل يوم في خسارة وتراجع، بدأت الإعتقالات للمكبرين بقوة وتتصاعد يوما بعد آخر، حتى من أوساط المساجد، وتخيلوا لأول مرة في التاريخ اعتقالات داخل المساجد، وفي يوم الجمعة، وعلى ذمة الشعار والصرخة في وجه المستكبرين، إلا أن ذلك كان بمثابة من ينفخ في النار فتزداد اشتعالا، كان كل شيء وكل إجراء تتخذه السلطة يؤدي لنتائج عكسية تخدم العمل، حينها قررت السلطة أو رأس السلطة قرارا حاسما هذه المرة فما الذي حصل يا ترى؟

– في العام ٢٠٠٣م شهر فبراير الموافق شهر ذي الحجة ١٤٢٣ه قرر الرئيس علي عبدالله صالح أن يحج إلى بيت الله الحرام، ولكن ليس كما جرت العادة عبر المطار، وإنما برا وعبر محافظة صعدة يعني “حج ولقاط مسابح” كما يقولون، وقرر أيضا أن يصطحب معه الشيخ/ عبدالله بن حسين الأحمر، زعيم القبيلة اليمنية، والدكتور/ عبدالكريم الإرياني، رئيس الحكومة، وفضيلة الشيخ/ عبدالمجيد الزنداني زعيم الوهاااابية والإخوان في اليمن، ثلاثي السلطة (الحكومة- القبيلة- الوهابية) إضافة إلى كبار رجالات الدولة، وقرر أيضا أن يزور صعدة يوم الجمعة – طبعا يوم عطلة رسمية وليس دواما رسميا- برأيكم لماذا؟ لأجل الشعار والمكبرين حيث قرر أن يؤدي صلاة الجمعة في جامع الإمام الهادي، ويخطب بالناس بعد الصلاة حسب قوله، وفعلا نزلت الحماية الرئاسية والأمن القومي يوم الأربعاء، واستلموا جامع الإمام الهادي، وأحكموا الطوق والسيطرة عليه ومداخله ومحيطة، واستخدموا كل إجراءات التفتيش والحماية، ونشروا وانتشر الخبر في كل مكان “صالح سيصلي الجمعة في جامع الهادي” الكل يتسائل ماذا سيعمل المكبرون هذه الجمعة هل سيجرأون على أداء الصرخة، والهتاف بالشعار كما جرت العادة أم لا؟.

– كان الرأي العام في صعدة يتجه إلى استبعاد الصرخة، فجامع الهادي هذه الجمعة ليس ككل الجمع، الجند مدججون بالسلاح في كل المداخل، وفي كل الزوايا، وفي كل متر تقريبا بلباس مدني وعسكري، حشدت السلطة لصلاة الجمعة في جامع الهادي، واحتشد الناس وازدحموا بشكل غير مسبوق لم أر له مثيلا ليومنا هذا، احتشد المحبون والمبغضون لمراقبة المشهد، كانت ساحة فعلا أشبه بساحة وميدان المعركة، وهكذا أراد صالح أن يجعلها هذه المرة معركة مباشرة يتدقمها بنفسه مع الشعار والمكبرين، كان الهدف فرض الأمر الواقع، واسكات الشعار وإلى الأبد، هكذا كانوا يخططون، ويمكرون، ويمكر الله، والله خير الماكرين، حشد صالح خيله ورجله، وتقدم وقاد هذه المعركة بنفسه في مواجهة ثلة مؤمنة سلاحها اليد واللسان فقط، يقولون ربنا الله، وعدونا أمريكا وإسرائيل، ولكن تخيلوا معي ما الذي حصل؟

– احتشد الناس مبكرا للجامع واكتظ بجموع المصلين، وازدحمت كل ثناياه وزواياه، وصالح والموكب الرئاسي والحماية الكثيفة المقنعة المدججة بالسلاح، والأطقم، والعربات، والمصفحات حاضرون، إنه مشهد مدهش ومخيف ومرعب في نفس الوقت، دخل صالح من الباب القبلي المخصص لكبار المسؤلين، واستقر مع كبار رجالات الدولة في الصف الأمامي، والخوف والرعب يسيطر على كل أرجاء الجامع، لم تكن تلك عبادة تسودها الروحانية والخشوع، والسكينة والوقار، كانت أشبه بساحة الحرب وميدان النزال، يقودها الملك بنفسه، فرق التفتيش الرئاسي تفتش الداخلين بدقة حتى الساعات ممنوع دخولها، والتلفونات، خدمة الهاتف مقطوعة، ما الذي كانوا يخططون له يا ترى.

صعد الخطيب المنبر، وأذن المؤذن للصلاة، وصدح بصوته عاليا “اسمعوا واعلموا أن الكلام محرم حال الخطبتين” لا شيء هنا إلا الصمت والرعب والخوف يلوح في كل أرجاء المسجد، خطب الخطيب خطبتا الجمعة، وأكد على وجوب طاعة ولي الأمر، وحذر من العصيان، والمخالفة، وشق عصا الجماعة، وأبرق وأرعد، وأشاد بصالح وقيادته الحكيمة، وكال كل عبارات المديح والثناء والتبجيل والتعظيم، وختم خطبته بالدعاء لصالح فقط، واختتم بقوله تعالى: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون) ومد الواو مدا زائدا، حينها تخيلوا معي ما الذي حصل؟،…. يتبع.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com