الخبر وما وراء الخبر

إلى متى تستمر جرائم الإعدامات بحق اسرى الجيش واللجان الشعبية في سجون قوى التحالف؟!

33

لا تخافوا.. “انتم في وجه الله”، “ومع إخوانكم”، هكذا كان حديث احد أفراد الجيش واللجان الشعبية وهو يبعث برسائل اطمئنان، للأسرى من قوات التحالف في عملية “نصر من الله” قبالة نجران.

لم يستخدم ذلك الجندي، لغة فظة جلفة قاسية، بحق الأسرى الذين كانوا بالمئات، بل كان تعامله راقيا واكثر لينا مع مجندي العدو وفقا للمشاهد التي وزعها الإعلام الحربي، ليجسد حقيقة المشروع ومنهجية القيم والمبادئ المحمدية التي يسير عليها المجاهدون.

إعدام ثلاثة أسرى

بالمقابل، وخلاف على ذلك، تلطخت أيادي الغزاة وأدواتهم بدماء اسرى الجيش واللجان الشعبية، آخرها ما أعلنت عنه اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى اليوم، إذ كشفت عن قيام قوى التحالف في مارب على إعدام ثلاثة من أسرى الجيش واللجان الشعبية.

اللجنة أكدت في بيانها اليوم استشهاد ثلاثة من أسرى الجيش واللجان الشعبية تحت التعذيب في سجون قوى التحالف في محافظة مارب وهم :
خالد أحمد علي عبدالله القريش من مديرية حراز محافظة صنعاء
محمد حسين المحبشي من مديرية المحابشة محافظة حجة
أحمد صالح أحمد علي جهموس من مديرية عنس محافظة ذمار.

اللجنة أشارت ايضا إلى أن الثلاثة استشهدوا داخل السجن في محافظة مارب، وفارقوا الحياة تحت التعذيب ولا تزال قوى التحالف محتفظة بجثامينهم حتى الآن.

جرائم تتكرر

ليست المرة الأولى التي يتعرض لها اسرى الجيش واللجان الشعبية، لمثل هذه الجرائم النكراء التي لا يقرها دين ولا عرف ولا عقل ولا إنسان، فقد سبق أن أُعدم عدد من الأسرى نتيجة التعذيب في سجون المحتلين في المحافظات الجنوبية المحتلة، او في سجون مليشيات الإصلاح في محافظة مارب، او الإعدام المباشر في الجبهات والتمثيل بهم، أما بالذبح او بالإعدام رميا بالرصاص او الدفن او الرمي من اعلى قمم الجبال، تؤكد بما لا يدع مجالا للشك، أن أبناء اليمن يقاتلون الجماعات الإرهابي بمختلف مسمياتها داعش والقاعدة وانصار الشريعة، وغيرهم ممن ينضوون تحت عباءة ما تسمى بــ”الشرعية”، بدعم وتمويل السعودية والإمارات وأمريكا.

مسارات سياسية

منذ اندلاع الحرب وبدء العدوان على اليمن 26 مارس 2015م، لم تبد جماعات وأدوات التحالف وقيادات قوات هادي العليا والوسطى والأدنى أي نوايا سليمة تجاه هذا الوطن وأبنائه، ولم تجتمع يوما على قرار واحد، او كلمة سواء، ولم تستطع الالتزام بتنفيذ أي اتفاق آخرها اتفاقية السويد، والتي تتضمن في احد أقسامها الثلاثة ملف الأسرى، وهو الملف الذي عرى قوى التحالف وقيادات ما يسمى بالشرعية وحكومة الفنادق، بعد أن ابدى الوفد الوطني برئاسة محمد عبدالسلام استعداده ليكون تبادل شامل لجميع الأسرى، وشكلت مبادرة الوفد الوطني إحراجا كبيرا للأمم المتحدة ولحكومة الفنادق، ليتم بعدها تعديل الاتفاقية في مشاورات الاردن لتكون عملية تبادل جزئية او نسبية، ولكنها ايضا لم تشهد النجاح نتيجة افتقاد وفد الرياض للقرار.

وتعاد من جديد عمليات تبادل الأسرى الفردية التي يقوم بها وسطاء قبليون او شخصيات اجتماعية كما كانت عليه قبيل مشاورات السويد، آخرها كان الخميس الماضي حيث تمت عملية تبادل للأسرى في محافظة مارب.

جرائم متكررة

ليست المرة الأولى التي يقوم بها قادة وقوات التحالف وأدواتهم بإعدام الأسرى، فقد سبق أن تم إعدام العديد من اسرى الجيش واللجان الشعبية، ولعلنا نستحضر تلك المشاهد العظيمة التي بدى عليها الشهيد البطل عبدالقوي الجبري الذي تم دفنه حياً منتصف العام 2017م، لأنه رفض شتم السيد عبدالملك الحوثي، وفضل الموت دفنا بالتراب على أن يسيء لقائد الثورة، بكلمات جارحة، فقتله دواعش المحتل الإماراتي من المرتزقة الجنوبيين في مديرية المخا بدفنه حيا بعد تعذيبه ورشه بمادة الأسيد.
آلاف المعتقلين

وتشير إحصائيات لمنظمات حقوقية إلى وجود أكثر من 10000 معتقل في سجون الاصلاح في مارب، غالبيتهم من المدنيين والذين تم اختطافهم من منازلهم ومن الطرقات ونقاط التفتيش، وارتفع عدد السجون في مدينة مأرب من سجنين اثنين قبل الحرب إلى أكثر من 18 سجناً غالبيتها في قلب المدينة، فيما لا تزال هناك سجون سرية في مزارع تابعة للمجموعات المسلحة المتواجدة في وادي عبيدة ومعسكرات “التحالف” في تداوين والرويك.

وتبرز قضية السجناء والأسرى في مأرب كقضية إنسانية في الوسط الحقوقي من ضمنها استشهاد الشيخ مبخوت صالح النعيمي، شقيق عضو المجلس السياسي الأعلى، محمد النعيمي، في أحد سجون المسلحين في مدينة مأرب نتيجة التعذيب.
وفي تفاصيل القضية مؤشر إلى التعامل غير الإنساني بعد أن قام المسلحون باختطاف النعيمي من منزله في منطقة النعيمات بنهم في أكتوبر 2017م، وظل أربعة أشهر مخفياً عن ذويه وبعد ضغوط وتواصل رسمي وافق المسلحون على إجراء تبادل للمعتقلين تشمل النعيمي، ليتفاجأ أهله بإبلاغهم بوفاته في أحد السجون.

ولعل حادثة النعيمي وتعذيبه حتى الوفاة تكشف الغطاء عن جرائم متعددة ينفذها المسلحون بحق الأسرى والمعتقلين، من ضمنها، عمليات بيع لعشرات الأسرى والمعتقلين للنظام السعودي بهدف المقايضة بجنود سعوديون أسرى لدى الجيش واللجان الشعبية، وايضا تسليم ملف الأسرى للقوات السعودية والاماراتية.

وفي 2017 ايضا كشفت اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى عن تعرض أربعة أسرى من الجيش واللجان الشعبية، للإعدام من قبل مجندي الإمارات بمديرية موزع بتعز.

وقالت اللجنة في بيان لها حينها ” في تصرف همجي ووحشي يتنافى مع أبسط الحقوق الدينية والأخلاقية والإنسانية، أقدمت عناصر من التي تسمي نفسها بالشرعية وبحماية إماراتية على إعدام أربعة أسرى من الجيش واللجان الشعبية بمديرية موزع بمحافظة تعز بصورة تؤكد انتزاع القيم والأخلاق والضمير الإنساني من خلال القتل ذبحا ورميا وتمثيلا بالجثامين “.

وفي يوليو 2018م، أظهر مقطع فيديو إقدام عناصر من مجندي التحالف الأمريكي السعودي على تصفية أحد أسرى الجيش اليمني واللجان الشعبية بكل إجرامية ووحشية على طريقة عصابات داعش والقاعدة الإرهابية.

ويظهر في الفيديو أحد أسرى الجيش واللجان الشعبية وهو جريح ومن حوله مجموعة من المرتزقة يتبعون القيادي المرتزق “أبو عبيدة”، حيث قام أحدهم بتوجيه من “أبو عبيدة” على قتله.

وبحسب الفيديو، أقدم أحد المرتزقة بإطلاق وابلاً من الرصاص على جسد الأسير حتى أرداه قتيلاً على الفور، وقيام مرتزق آخر على رمي جثمانه من أعلى الجبل بطريقة وحشية بشعة لا تدع مجال للشك بأن هذه العناصر الإرهابية مجردة من كل القيم الدينية والأخلاقية والإنسانية.

جريمة مشابهة للإعدامات في سجون مارب تعرض لها الأسير أحمد حسن الشريف، احد أفراد الجيش واللجان الشعبية حيث تعرض للتعذيب في سجون الإصلاح بمارب وتم إعدامه في نوفمبر 2018م، وفقا لبيان اللجنة الوطنية لشئون الأسرى.

صمت أممي

يبقى الصمت الأممي والدولي والعالمي، هو السائد، وهو ذلك الصمت الذي شجع هؤلاء المجرمون على تكرار جرائمهم دون الخوف من أي ملاحقة أو مساءلة قانونية.

في وقت يلتزم أبطال الجيش واللجان الشعبية بأخلاقهم العالية والراقية تجاه اسرى التحالف وهم بالآلاف، رغم ما يتعرض له زملاءهم من قتل وتنكيل وإعدامات، على يد قادة وجلادي التحالف، إلا أن تلك الأخلاق التي يتحلى بها المجاهدون هي بالفعل وسام الشرف الذي يعلق على صدر هذا العالم المادي.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com